مآذنُ الشوق - سعد مردف

صباحَ الخيرِ يا دُنيَا
صَباحَ الحبِّ و النُّورِ

و يومُكِ طَابَ يا دُنْيا
تجلَّى بَعدَ دَيجُورِ

وهذا الأفْقُ منفرِجٌ
تبسَّمَ عن أسَاريرِ

و أرسَلَ بالضياءِ سَناً
تهَادَى بالتبَاشِيرِ

و هذِي في الرُّبَى حُللٌ
من الأزَهارِ كالحُور

ِرآهَا الصُّبحُ ، فارتعشَتْ
حياءً دُونَ تفكِيرِ

و حيَّتْه بعطرِ شذًى
من الأكمَامِ منثُورِ

تُمسِّحُ بالندَى لحْظًا
و تنْطقُ دونَ تعْبيرِ

تَمِيلُ مع النسيم إذَا
تَروَّحَ بالأزاهيرِ

و حَانَتْ للفَرَاشِ رؤًى
كأحْلامِ الأسَاطيرِ

فمرَّتْ بالرياضِ عسَى
تفوزُ بفَوْحِ كافُورِ

و تهصِرُ جِيدَ سَوْسَنةٍ
و تلهُو في المقاصِيرِ

و فوقَ الدَّوحِ مُشتَملاً
جمَالٌ جِدُّ مسْرورِ

تلفَّع تائهًا ، و زَهاَ
و غنَّى بالعصَافِيرِ

تُسبِّحُ في مآذنِهَا
بلحْنٍ منْ مزامِيرِ

و تُرسِلُ خفقَ أجنحةٍ
و تَضْربُ بالمناقِيرِ

كأنَّ الصُّبْحَ في ألَقٍ
وقدْ صافَى بتبْكيرِ

صدَى قلْبي ، و قدْ أمسَى
بأمْنٍ غيرِ محْذُورِ

و في عِطْفَيهِ من سَكَنٍ
جَمَالٌ غير مأسُورِ

فلا حُزنٌ ، و لا ألَم
و لا آهاتُ موتُورِ

و لا وَطَنٌ على شجَنٍ
يُسَامُ القيدَ في النِّيرِ

يُحَشرِجُ في ليَالِيهِ
و يُصْبحُ غيرَ مَسْرورِ

جريحاً يمضغَ البؤسىَ
و يُنْشرُ بالمناشيرِ

أنَا ، و الحبُّ في وطَنٍ
بلا أرضٍ ، و لا دُورِ

بلا قدْسٍ ، و لا أقصَى
و لا فَجرٍ لتَحرِيرِ

تعانقْنا على غصُنٍ
مِنَ الأيَّام مكسُورِ

وَ شِدْنا لحْنَنا الغَافي
برَغْمِ الكفْرِ ، و السُّورِ

و رَغْمَ مقَابِرٍ تعْلُو
على دمْعِ القَوارِيرِ

وقَفْنَا نُسْمِعُ الدُّنيَا
و نُصْغي للشَّحَاريرِ

و نوقِظُ بسْمَةَ الأسْحَا
رِ في ليلِ المغَاويرِ

صَبَاحَ الخيرِ يا دُنيَا
صبَاحاً غيرَ مقْرُورِ

بدِفْءِ الحُبِّ من وَطَنٍ
عشقنَاهُ بتوقِيرِ

و هِمنا في محَاسِنِه
برغْمِ الحَيفِ،و الجُورِ

و متْنا كَيْ يعِيشَ بلاَ
مآسٍ ، أوْ معَاسِيرِ

و تسجَعَ في دَوالِيهِ
عنادلُ في البواكيرِ

ويُشْرقَ صُبحُه غضاًّ
ندياًّ دُونَ تكْدِيرِ

غداً تَلْتَامُ يا دُنْيا
جِراحَاتُ النَّواعِيرِ

وتسْقِي أرضَنا العطْشَى
صَباحَاتُ المقَادِيرِ

© 2024 - موقع الشعر