مرثية إمام الخطباء الشيخ" محمود باي" رحمه الله - سعد مردف

هلْ يعلمُ الموتُ ما خَطَّتْ أياديهِ؟
أم يعلمُ الموتُ مَنْ غالتْ عواديه ِ؟

أم يُدركُ القبرُ ما ضمَّتْ صفائحُهُ
وما حَوى غورُهُ، أو ما يخبّيهِ؟

أم هلْ درَى وائدُ الأقمار ما اجترحَتْ
كفَّاه لما أهالَ التربَ ذارِيهِ

نفسي الفداء لمنْ تهفو لطلعتهِ
شمسُ السمَاءِ ، و بعضُ الرملِ يخفيهِ

نفسي الفداء لمن تحوي ذخائرُهُ
بحرَ العلوم ، و في قبرٍ ندَنِّيهِ

" محمودُ بايٍ" إمامُ المخلصينَ ، و مَنْ
ضَمَّ الفخارَ بلا كبرٍ ، و لا تيهِ

و رائدُ الصحْوة الغرَّاءِ صانعُها
على التوسط عدلاً في تحرِّيهِ

و حافظُ الضاد في حِلٍّ ،و مرتحلٍ
كأنها جوهرٌ في الناس يُلقيهِ

بايُ المقاصدِ ، بلْ بايُ الفرائضِ ، بلْ
بايُ الشريعَةِ في فهمٍ و توجيهِ

و منهلُ الآي تبياناً ، وتذكرةً
مفسرُ الذكرِ في أرقى معَانيهِ

وواحدُ الناسِ خافٍ في مجالسِها
مصباحُها في الليَالي إذْ تنَاديهِ

المانحُ الصفحَ إحساناً ومرحمةً،
الباذلُ الخيرَ لا تُنسَى أياديهِ

الرافعُ الحقَّ لا تخبو بوارقُهُ
الناصرُ الدينَ ممنْ قدْ يعَاديهِ

لله منبرهُ مازالَ يَتْبعُهُ
حتى تداعَى على قبرٍ ليرثيهِ

قد كان جنتَهُ بل كانَ حَومتَهُ
كم فوقَ أعوادهِ سَارتْ مغازيهِ

كم في مدارجِه لله مِنْ صلةٍ
و فيه للمصطفى أسمى مباديهِ

كم ذبَّ عن سُنةٍ أحياَ معانيهاَ
و ردَّ من بدعةٍ في حسْنِ تنبيهِ

وكم له في ذُرى الأخلاق من سبَبٍ
أبقَى على الدهْرِ لا تعفُو حواشيهِ

يا آلَ بايَ عزاءَ العلمِ في علَمٍ
تأسى له سُوفُ ، و الوادي ومَنْ فيهِ

جلَّ المصابُ ، و عمَّتْنا فجائعُهُ
يا آلَ بايٍ فصبراً في دياجيهِ

الله أولى بأن تعنُو الوجوهُ لهُ
نرضى بما قد قضى أو سوف يقضيهِ

في ذمّة الله من لبّى النداءَ ومَن
مضَى على طاعة الرحمنِ هاديهِ

ومن طَوى صفحة الأيامِ داعيةً
للهِ محتسباً فيما يلاقيهِ

شهادةُ المسجد المعمور تُتْبعهُ
نفحَ العبيرِ ، و شهرُ الصومِ يُعْليهِ

و دعوةٌ من فمِ الوادِي ، و ساكنهِ
و خافقٌ من ضمير الشعْب يَبكيهِ

يا عالماً بنفوس النورِ يقبضُها
و القلبُ من بعدها لا مَنْ يواسيهِ

محمودُ عندكَ ضيفٌ أنتَ مَوردهُ
يا خيرَ منْ زاره ضيفٌ ليُقْريهِ

يا ربّ فالطُفْ بمن وافاكَ ، و هْو على
ثغرِ العقيدةِ ، و الإسلامِ حامِيه

كنْ يا إلهي له جاراً تؤانسهُ
و اخلفْه في ولدٍ يا ربِّ يُبْقيهِ

و جازِه عن جميع الناسِ مغفرةً
و حُفَّه بجنانِ الخلدِ تُغْنيهِ

© 2024 - موقع الشعر