هي و التعليم - سعد مردف

حاشَاكِ يا بنْتَ العُلا حاشاكِ
مَنْ ذا علَى التعليم قد ألقَاكِ ؟؟

أنتِ الكريمةُ و العظيمةُ ، و التي
نطقَتْ بكلِّ طَهارةٍ شفتَاكِ

و لقد عرفتُكِ كالنسيم عذوبةً ،
و علمْتُ أن الفجرَ قد غنَّاكِ

و رأيتُ قلبَكِ كالفضاءِ رحابةً
نبضَتْ جوانبُه بكلِّ ملاكِ

في روضِكِ الفَينَانِ عِشْتِ هَنيَّةً
وسكبْتِ لحنَ الدَّوحِ في مَحْيَاكِ

وسنَاكِ كانَ على الأحبةِ مُورِقاً
مَلأَ الأحبةَ بالحبُورِ سَناكِ

بالأمسِ كانَ أريجُ عُمركِ في المدَى
عبِقاً ، و للأيامِ فَوحُ شذاكِ

فعلامَ ترتعشينَ يا بنْتَ العلا
بينَ المَدارسِ تطلبينَ شقاكِ

و تظلُّ عينُكِ بالدروسِ حزينةً
و يروحُ وجهك شاحبًا بضَناكِ

أينَ البنانُ الرخْصُ كيفَ ذوى، وما
ذاكَ المُحيَّا كيفَ صارَ كذاكِ

غارَتْ بشاشتُه ،وضاعَ نَميرُه
و التاثَ من طبشُوركِ الفتَّاكِ

و الطَّرفُ أينَ نعاسُهُ ؟ عصَفتْ به
حُمَّى الدفاتِرِ صُحِّحَتْ بعَناكِ

عيناكِ غائرتَانِ من فرْطِ الضَّنَى ،
ومنَ الدروسِ تقرَّحَتْ عينَاكِ

أمسى لغصْن البَانِ ميْلٌ فالْتَوى ،
مَنْ للعنادلِ في رياضِ هواكِ؟

يا أختَ هذا القلبِ جرحُك هزَّني
أَوْرَى زِنَادِي حينَما أورَاكِ

يا قاتَلَ اللهُ المعاشَ ، و همَّه
أودَى بِرِيمِ البانِ ،و الآراكِ

و غدَوتِ من لأوائه كحمَامةٍ
في لحْظ صَيَّادٍ ، و كفِّ شَراكِ

لكِ من تلاميذِ المدارسِ شِقْوةٌ
قد جرعتْكِ مَرارةَ الأحسَاكِ

في كلِّ يوم من مكائدِهم أذًى
يُودِي بِلُبِّ الحازم المُتَذاكِي

شرُّ البلاءِ على رؤوسِ كبارِهم،
و الأصغرُونَ عقَاربٌ بحِمَاكِ

قامُوا إليكِ بقَضِّهم ، و قضيضِهم ،
و تألَّبُوا في قسْمِهم لأذَاكِ

و تعاوَنوا فغدَوتِ بين جموعِهم
في حسْرةٍ ، وتأفُّفٍ ، وَ تشَاكِ

لمْ يرحَمُوكِ فغادَرُوكِ أسيفةً
تتقلَّبِينَ على شَفِيرِ أسَاكِ

و غدَوتِ ، و العبراتُ منكِ غزيرةٌ ،
و تصايَحوا ضحِكًا لِطولِ بكَاكِ

قلبي مع العصماءِ أُهْدِر دمعُها
في حفْنةٍ من صِبيةٍ ، وعراكِ

للهِ ما ذرَفَتْ غداةَ تأوَّهتْ
بينَ الصُّفوف ، و آذنَتْ بهَلاكِ

يا منْ لشمْسٍ البيْتِ كَيفَ تعفَّرَتْ
في نَقْع جيلٍ فاسدِ الإدراكِ

مَنْ للجَمال تخطَّفَتهُ يدُ البِلى
مَنْ للورود تتيهُ في الأشواكِ

© 2024 - موقع الشعر