عقدَ الأسى بالقلبِ - حسن الحضري

عقدَ الأسى بالقلبِ حبلَ ودادِ
ودعا الفؤادَ لحدِّ سيفِ سهادِ

ودهتْكَ أشجانُ العشيِّ كأنها
رسلُ المنونِ بجيئةٍ وطوادِ

فزجرتُ بادرةَ الدموعِ فأمسكتْ
وترفَّقتْ عَبْرَ الأسى الوقَّادِ

لا يستقيمُ الدَّهرُ عيشًا واحدًا
ومآلُ كلِّ قَسيمةٍ لنفادِ

دع ماضيَ الأيَّامِ في وكناتِه
وانظر شجونَكَ عند كلِّ وفَادِ

واصبر كما صبرَ الذين تقدَّموا
أو شُنَّ حربَكَ غيرَ ذي إخمادِ

فليعلمِ الأقوامُ أنِّي لم أكن
عن هذه الويلاتِ ذا تَردادِ

لكنني أربأتُ نفسي عنهمُ
لا خوف حتفٍ أو حذارَ جِلادِ

بل عزةً لا أستبيحُ خباءها
وصلابةً تطغى على الأحقادِ

ولرُبَّ يومٍ في هواكِ قطعتُه
بالصَّفوِ متَّشحًا وكلِّ ودادِ

جاوزتُ فيه الأفْقَ لا متغطرسًا
أو خابئَ الوهَداتِ والأنجادِ

فوقفتُ بل وقفتْ تحاكي نجمةً
برزتْ من السَّدَّينِ ذاتَ وسادِ

عُلِّقْتُها بين التَّردُّدِ والنوى
بل بين ذاك وبين أسحمَ غادِ

فإذا سألتِ أجابَ عنِّي وقْعُه
وإذا سكتِّ يكونُ بالمرصادِ

وإذا حللتِ كما حللتُ فطالما
جمع الهوى قلبينِ بعد بعادِ

وإذا صدعتِ بقولِ واشٍ ربَّما
جاز الفراقُ لِقولِ واشٍ عادِ

بل أنتِ قد أيقنتِ أنَّ صبابةً
غلبتْ على الأحشاءِ ذاتَ نِهادِ

مصقولةً أو دون ذاك فكلُّه
عبثًا يكونُ وعِبرةً للصَّادي

فأَجَأْتُ نفسي والنَّوى مستأسدٌ
والوصلَ تَرقبُ مهجتي بسِدادِ

والقلبُ بين كليهما متأرجحٌ
يدنو ويأبَى مِن مخاف وفَادِ

فأصاب في وضحِ النهار حقيقةً
مربوعةَ الشَّفقينِ بالإخفادِ

يعلو بها الآفاقَ مِن أوصابها
ويحوزُ كلَّ مطرَّفٍ وتلادِ

وبها استقلَّ القلبُ عن أضغانِكم
وعنِ العِدَى ومكامنِ الأحقادِ

وتأبَّقتْ أشجانُه وتأزَّفتْ
بخسوفِ بدرٍ أو بُزوغِ عوادِ

فإذا دعتْكَ منيبةً فاقنع بها
أو تشرئبَّ مع السَّنا المتهادي

فاجتَثَّ أو فاقتَصَّ مِن أنوائها
أو فاعفُ واصفح في علاءٍ بادِ

في ليلةٍ من دأبها الإتحافُ أع
نَتَها السًّرَى بمطوِّفٍ طوَّادِ

فمضى يرتِّلُها الفؤاد كأنما
حدجتْ عواصفُها بغير عمادِ

والنفسُ واجلةٌ كأنَّ عيونها
سُمِلَتْ فطال بكاؤها بقتادِ

تصطكُّ في أندائها مذهولةً
بطويلِ شجوٍ أو خديجِ رقادِ

فإنِ استطعتَ الذَّودَ عنها فافعلَنْ
أو دعكَ ممَّا تدَّعي وتنادي

© 2024 - موقع الشعر