لوحات بالغة الأسى

لـ حمدي الطحان، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

لوحات بالغة الأسى - حمدي الطحان

لوحات ٌ بالغة ُ الأسى
 
للشاعر : حمدي الطحان
 
 
 
1 -
 
يا ذاكرتي الغائية
آهٍ منكِ أيتها الهاربة
يا ليتكِ مِن حَجَرٍ
أو رمالٍ
أو حتى مِن أمواجٍ صاخبة
لكنّكِ واأسفِي غاربة
خلفَ أطواقِ الظلمةِ الواثبة
مثلَ ذاكرةِ الوطنِ الذاهبة
كلّما أستدعيكِ في نَفَقِي
بينَ جُدراني
في تلك العتمةِ الضاربة
أجثو ضارعًا فوقَ حافتِكِ الناشبة
أَستحلفكِ
أستصرخُ كلَّ الأحاسيسِ فيكِ
وكلَّ شواطئِكِ النادبة
و سفائنكِ الناعبة
أسألكِ بِنبضاتي الغاضبة
وبأنفاسي الشاحبة
و بدمعاتي العاتبة
أن تَمُدِّي لي نَظرةً
تَمنحيني و لو قَطرةً مِن سنًا
وهُدَى
تَهَبِيني و لو وَمْضةً كاذبة
أيتها الراهبة
في مِحرابِ الغربةِ السَّاغِبة
في الفراغِ الغبيِّ العَصيِّ العجيبِ الرحيبِ الكئيبِ
وفي الفجوةِ الجاذبة
مُدِّي قَشَّةً لِلغريقِ ِالمُلْقَى هُنالكَ
في عمقِ الهِوةِ السًّاربة ....
------------------------
 
2 -
 
حِينَما تَتَسَنَّد في عكَّازيكَ
مثلَ الشيخِ الطاعِنِ في السِّنِّ
كي تَمضيَ يا وطني
تترنّح في الوَهَنِ
تتساقطُ في المِحنِ الشَّجنِ الحَزنِ
تتهاوى في العَلنِ
في تلك اللحظةِ مُنكسِرًا تصحو
تشكو أو ترجو أو تدعو
تَتلفّت حولَكَ لا تلقى ظِلاًّ يَدنو
أو كَفًّا حانيةً تأسو
أو عينًا دامعةً تَرنو
أو حتّى إحساسًا يبدو
مَقهورًا يا وطني تغدو
إذ أنَّكَ لم تُنجبْ إلاَّ ....
عفوًا سامحني
--------------------
 
3 -
 
وطني مُعوَجٌّ بِالفِطرة
كم قالوا تُصلِحه الثورة
لكنْ ياللحسرة !!!
مازالت ْ تِلكَ العُصبةُ في كِفَّة
والناسُ جميعًا في كِفَّة
قد قالوا تَعدله الثورة
لكنَّ العدلَ مُهانٌ مَخنوقُ العَبرة
مَعصوبٌ مَفقوءُ النظرة
مَطرودٌ مُنكسِرُ النبرة
لكنَّ الفوضى الفاجرة َ المُرَّة
أمست ْ حُرَّة
أمست حرَّة
----------------------
 
4 –
 
ما أقبحَ أن يَغدوَ قاتلُكَ المَدعوَّ الأوّلَ في ذكراك
يَجلسُ مَزهوًّا في الصّفِّ الأوَّل
يَحكِي كيفَ تَوغَّل في دَمِكَ القاني
دَمِك َ المَمزوجِ بِأمجادٍ لم يَصنعها غيرك
ما أبشعَ أن يُدعَى
كي يُطفئَ بَصفاقتِهِ شَمسَك
يَجهَد أن يَحجُبَ عن ذاكرةِ الدنيا ذِكرك
ما أشقاه !!!
صرصارٌ يَنفخُ كي يُطفِئَ شَمْسًا
يا للمأساة
----------------------
 
5 –
 
الزند يقول :
مِن حقِّ القاضي أن يأمرَ فيُطاع
و يُطاعَ و إن لم يأمر
أن يَملأ كلَّ جِرارِ البيتِ و أكثر
بالذهبِ و بالياقوتِ و بالجوهر
أن يُصبحَ كِسرى أو قيصر
أن يَغدوَ فينا الأعلى و الأميز
في المسكن والنادي والسيّارة والمركز
أن يَكنزَ ما شاءَ سيادتُهُ أن يَكنِز
حتى لو نالَ من الوطنِ العينين
و القلبَ الخافقَ والشفتين
فالقاضي ظلُّ اللهِ على الأرض
بالطولِ وبالعرض
والقاضي ليسَ بِعُمَر الفاروق
حتَّى يَتساوى بالعامّة
ألقاضي يَتساوَى بالعامّة ؟
ماذا ؟
بالعامّة ؟!!!
هل يَلِجَ الجَمَلُ العِملاقُ الأكنز
مِن سَمِّ خِيَاط ؟!!!
هل يُمكِن ُ أن يَتساوَى الأدنى بالجَهبذ ؟!
---------------------
 
6 –
 
قالوا عنها أُمُّ الدنيا
لكنَّ الدنيا جَاحِدةٌ عاقّة
طَردتْها مِن قَبوتِها لِلشّارعِ غارقةً في الفاقّة
تَتسوّلُ مِن صندوقِ قمامتِها
و تُطأطِئ ُ قَامتَها
لم يَنفعها خوفو أو خفرع
أو تاريخٌ أَلفيٌّ أروع
أو مَجدٌ موروثٌ أرفع
لم يشفعْ حتى وَهجُ حضارتِها العِملاقة !!
------------------------
 
7 –
 
ليتَ أبا الهول يَربِضُ على الباب
شاهِرًا سيفًا مِن رَدَى
ظامئًا لِلعِقاب
مُلْقِيًا بِالألغازِ المُستحيلةِ
على كلِّ مَن راحَ أو آب
ليتَه ُ قائِمٌ في الطريق
دافعٌ عنَّا كلَّ وجهٍ صَفيق
مانعٌ ذا الحريق
حاطِمٌ ذلكَ الخَطَرَ الدّاهمَ المُتخفِّيَ بينَ الشُّقوق
والقادمَ مِن شَرقٍ أو مِن غَربٍ
و شمالٍ أو مِن جنوب
ليتَ أبا الهول المُستبِدَّ الرَّهيب
رابضٌ في الدروب !!!
-------------------------
 
8 -
 
يَبدو حقًّا أنَّا فِرعونيُّون
صَنَمٌ سامريٌّ أَصفر
هَرَمٌ أكبر أو أصغر
والشَّعبُ المغبونُ الأحقر
والمَلأُ المُؤتمِرون
يَتَبخترُ فينا قارون
يَطَأُ الأرضينَ بِموكِبِهِ المأفون
يَطَأُ الحمقى و الفَطِنِين
و الجوعى المَنسِيّين .....
 
****************************
**********************
**********
© 2024 - موقع الشعر