مدينة الجراح - حمدي الطحان

((( مدينة الجراح )) حمدي الطحان
.....................................
وتنسين أنَّ لصدِّكِ سحرًا
وأنِّي صريعكِ في كلِّ حينِ
 
وتنسين أن بعادك يُذكِي
لهيب الغرام وجمر الحنينِ
 
ومازلتِ ظمأى لدمعٍ سخيٍّ
بعينيَّ يبكي كحُلمي الحزينِ
 
وأنَّاتِ قلبٍ عزيزٍ تغطّت
بذُلٍّ مريرٍ ويأسٍ دفينِ
 
ومازلتِ تبغينَ أن تملكيني
وأن تزجريني وأن تجرحيني
 
وأن تسحقي كل أزهار حبي
إذا ما اشتهيت وأن تفقديني
 
وأن تجعليني قتيلَ سهاد
وأن تحرقيني وأن تُغرقيني
 
وإنِّي أحبكِ عند التلاقي
وعند التنائي ووقت الأنينِ
 
وتحتَ الثلوجٍ وبين لهيبٍ
وفي قهقهاتِ العنادِ السّجينِ
 
وإنِّي أحبكِ في كلِّ يومٍ
مئاتِ السّنينِ – مئاتِ القرونِ
 
وقلبي لأجلكِ ينبض دومًا
سماحًا حزينًا كما الياسمينِ
 
************
 
تُرَى لو رحلتُ بدون وداعٍ
وبخَّر جمرُ الزّحامِ عيوني
 
وأدركتِ أنَّ المُحالَ مجيئي
فهل تذكريني بدمعٍ سخينِ ؟!!
 
وهل تُنصتينَ لأشعار قلبي
تغنّتْ بها نسمةٌ للغصونِ ؟!!
 
وبينَ النجومِ طيوفٌ وسِرٌّ
ووجهٌ بدا كالسَّنا واليقينِ
 
تُرَى أم ستنسينَ عمرًا تولَّى
وطيفًا تبعثر خلفَ الحنينِ ؟!!
 
ويلقاكِ وجهٌ يُحدِّثُ عنِّي
ويحكي حكايا الضَّياعِ اللَّعينِ
 
فتأبينَ ذِكري ولو باقتضابٍ
وتمضِينَ سكْرَى بنصرٍ مُبينِ
 
وفي الدّارِ تُرضينَ جسمًا نؤومًا
طويلَ الذِّراعِ قليلَ الشُّجونِ
 
يقولُ بعينٍ ، وتنكر عين ٌ
أكاذيب وغدٍ، لئيم العيونِ
 
وتحتَكِ عرشُ النَّعيمِ المُحلَّى
بعظمِ الضَّحايا ، وجُندِ المُجونِ
 
وزادٌ كثيرٌ ، ومليونُ ثوبٍ
من التِّبرِ يزهو بخِصرِ الظُّنونِ
 
*************
 
سماحَكِ والعفوَ ؛ إنِّي عليلٌ
وسلطانُ حُبِّكِ أحنى جبيني
 
وملئي ضبابٌ – عذابٌ – خرابٌ
وتاريخ يأسٍ قويُّ الحصونِ
 
وشرٌّ تَولَّدَ بينَ الضَّحايا
ومزَّقَ زهرَ الفؤادِ الطَّعينِ
 
أراني مع النَّاسِ نمضي سويًّا
ولكنَّ وجهي شريدُ الجُفُونِ
 
ووحدي أُعاني بغابةِ حزني
حريقًا يجندلُ كلَّ الغصونِ
 
ووخدي أُصارعُ مليونَ أمرٍ
مريرَ السَّوادِ , عريقَ الجنونِ
 
وكم ذا اشتهيت ارتحالي بعيدا
لأنسى العذاب ، وأحفظ ديني
 
ولكنَّ سيفَ القضاءِ تأبَّى
وجيشُ الفناءِ تراجعَ دوني
 
************************
********** حمدي الطحان
© 2024 - موقع الشعر