نزيف الجراح

لـ حامد حسن معروف، ، في الرثاء، 4

نزيف الجراح - حامد حسن معروف

ينسابُ طيفكَ عابراً في خاطري
ماذا؟ أتذبحُ بالحنين مشاعري ؟؟
 
يرتادُ جانحتيَّ متَّئدَ الخُطا ...
بينَ العشيَّةِ ، والصَّباح ِ الباكرِ
 
أسهرتني، وعبرتَ غیر معجَّلٍ
فهلِ اتَّكأتَ على جفونِ السَّاهرِ؟؟
 
لم يبقَ لي من ذكرياتِ الأمسِ ما
يعتادُني غيرَ التياع ِ الذَّاكرِ
 
وأخافُ كلَّ غدٍ، فأغمضُ مقلتي
کی لا أطلَّ على غدي من حاضري
 
أهديكَ من كبدي نزيفَ جراحهِ
ما حیلتي ؟؟ هذي غلالُ بیادري
 
وغداةَ زُرتُكَ في السَّريرِ، وليتني
كنتُ العليل بهِ ، وليتَكَ زائري
 
مسح اللّداتُ جراحَهمْ، وبقيتُ من
لهفي، أدلِّلُ كلَّ جرح ٍ هادرِ
 
جنحوا إلى سمرِ العشيِّ، وطوَّفوا
بالذِّكرياتِ ، وظلَّ طيفُكَ سامري
 
قلبي -ويعرفُه الوفاءُ- مقسَّمٌ
بينَ المقيمِ بهِ ، وبينَ العابرِ
 
ما للعدالةِ كلَّما عبثوا بها
لجأتْ إليكَ.. إلى الضَّميرِ الطَّاهرِ ؟
 
تَلِجُ السَّريرةَ مُقلتاكَ، فينجلي
لكَ ماتخبَّأ في ضميرِ النَّاكرِ !!
 
إنْ جازَ عندَ سواكَ ظاهرُ قولهِ
فلأنتَ تدركُ ما وراءَ الظَّاهرِ ؟
 
كلماتكَ العبقاتُ تعبثُ بالنُّهى
فهل استعرتَ لهنَّ رُقيةَ ساحرِ؟؟
 
کم جاءَ "بعضُهمُ" وسيطاً تاجراً
فأعدته .... لكن بصفقةِ خاسرِ !!
 
خذلتْهُ من عينيكَ نظرةُ هازيءٍ
ورمتْهُ من شفتيكَ بسمةُ ساخرِ
 
وسعتْ عدالتُك الجميعَ، وباركتْ
كلَّ الورى، إلَّا ضميرَ التَّاجرِ
 
يا ابنَ الألى تاريخُهم يمتدُّ في
أعماق أعماقِ الزَّمانِ الغابرِ
 
عصروا سلافةَ كرمهمْ، فتخضَّبتْ
بالنُّورِ والأطيابِ كفُّ العاصرِ
 
کانوا وما برحوا ويبقى ذكرُهم
في الدَّهرِ ملء السَّمع ِ ملء النَّاظرِ
 
كانوا - وما برحوا - قليلاً نادراً
ولأنتَ من هذا القليلِ النَّادرِ
 
خُذها من الكبدِ الذَّبيح ِ قصيدةً
واسمعْ بها خفقاتِ قلبِ الشَّاعرِ
 
ترف البيانُ بها، وناظمُ عقدها
ما انفكَ يهزأ من بيانِ النَّاثرِ
 
لملمتُ كلَّ حروفها من مهجتي !!
وسكبتُ في كلماتها من ناظري
 
وبها جلوتُ ربيعَ ذكرِكَ فانجلی
عن ألفِ نیسان ٍ نديٍّ عاطرِ
 
النيلُ يا بردى تفجَّرَ غاضباً
وأكادُ أسمعُ صوتَ "عبدِ النَّاصرِ"
 
والأرزُ ثارَ على الغزاةِ، وإنَّما
جاز الفداءُ به حدودَ الثَّائرِ
 
وإذا العروبةُ والشَّآمُ تلاقيا
أمِنا علي باديهما، والحاضرِ
 
وهناكَ منْ صدَعوا ما أمروا بهِ
والسَّيِّدُ المأمورُ عبدُ الآمرِ !
 
وهنا يدٌ تبني، وتهدمُ ما بنتْ
أو حاولتْ تبنيهِ كفُّ الغادرِ ؟
 
"أسدٌ" تعانقُ "ذا الفقار" يمينُه
فحذارِ یا "عمرو بن وُدِّ العامري"
 
"أسدٌ" وفي كفِّهِ سيفُ "محمَّدٍ"
عزماً، وفي جنبيه قلبُ "النَّاصري"
 
يا ابن الألى تاريخُهم يمتدُّ في
أعماق أعماق الزَّمانِ الغابرِ
 
غادرتنا عجلاً وتبقى بيننا
متمثلاً بوریثِ مجدكَ "یاسرِ"
© 2024 - موقع الشعر