نزيف الثلج - فضيلة مسعي

نزيف الثلج
الحزن الغجري الناهد في دمي
يقتات جمّار الغواية
مشغوف
ملهوف
مصقوع
يرتاد سراب النشوة المرتبكة
يضرم النار في مفاصل السؤال
و يقشر آثام الوردة المنفرجة
يتدفق اللؤلؤ من الصدقة
يشحذ أسنان الرغبة الملتهبة
تلهث الحكمة منصعقة
كزنبقة مرتعشة
مختلجة
تتكّور في صهيل الوجع الموقوت في العتمة
تتجعد في فم الريح
فيخرج الباشق من نهديها
يهديها مشموم ذكرى منكسرة
هديل قلق نازف في الأوردة
همزة وصل
أو لام ناهية
من يلجم الوجع المصلوب بين أضلاعي
من يوقف إنحدار الملح في جسدي
جسدي مطاطي الأنسجة
أفعى ملتوية
ملك مخلوع يترشف صدأ العظمة
إليك عليسة بالنشيج
و الحنين
و النشيد
و مدائن كالجماجم
و عواء كالغناء ...
إليك يفرح أدرد الشدقين
و بحر منفرج الساقين
و ربيع كالخريف
و شتاء كالصيف
و إلىّ بفراء الطحالب
نعيق الغربان
و جسد مصلوب على مسامير
و براغي
و مهاميز...
إليّ بشوق يهزّ رئتي الى الكاهنة
و الجازية
و ليلى العامرية ...
إليّ بضفيرتين كحبلين ينقذان الغريقة فيّ
أبعثر بعضي ببعضي
و كلي فيه
فيرجع دمعي الى عيني
و يرقص الفرح في مقلتي
و أنام كما نام المتنبي ملء جفوني عن شواردها
و يختصم القوم جرّاها
و يقتتلوا
أيها الحصان المسرّج في دمي
مر بديار بكر
تغلب
أو تميم
أجمع المجانيق
السيوف
و السهام المعلقة بالمتاحف
بجدران المضائف
و القصور
فقد صدأت
كلت
و ملت الانتظار
الحصار
و الخنوع ...
أيها الحصان المسرّج في دمي
إنتعل قلقا
أرقا
و ما تبقى في وجوهنا من الماء
والعرق ...
عرق السوس أصبح شابهم في المساء
و الينسون مشروبهم في الصباح
ليلهم ضفائر
نهود
و شفاه ...
أعصابهم باردة
أعصابهم باردة كجبال من الثلج باردة
كبوضة الصيف باردة
كالقطب المتجمد باردة
و أنا حارقة
حارقة
كنزيف الثلج في الأوردة
حارقة
كهذه الحروف
و لهيب الحبر في خطوطها
حارقة
كحجر فلسطين حارقة
كتمر بغداد حارقة
كصنعاء
و دمشق
كقرطاج
و رمل الجزائر حارقة ...
أيها الحصان المسرّج في دمي
بيميني حروف إسمي
وبيساري سنابل قمح
و شعير ..
و ذاك جبيني يبحث عني
رده إليّ و لك مني عدد مسامات جلده
دنانير ذهب و فضة من خزينة مال المسلمين./.
© 2024 - موقع الشعر