أصداء من جزيرة الأسى

لـ لطيفة حساني، ، في السفر والاغتراب، آخر تحديث

أصداء من جزيرة الأسى - لطيفة حساني

لو كان حزني على الرمضاء ترتعد
ولَو يكونُ بطَودِ الثلجِ يتَّقدُ
 
جرعتُ جامَ وجومٍ ملَّها الجلَدُ
وشهقةً لطفوقِ العمرِ تَفتقدُ
 
عدمتُ معنى انتظارٍ بعدما انفتقَتْ
عباءةُ الحلمِ وانقدَّتْ به البرُدُ
 
أخبئُ الحزنَ في رُوحي مكابرةً
والوجهُ يكشفُ مَن في قلبهِ كمَدُ
 
أحنُّ للنهرِ إذ نادى ظِبا ولَهي
يُمسي أُجاجاً يغطِّي سطحَهُ الزبَدُ
 
من لي إذا أحرقَ الأحبابُ أورِدَتي
فكلُّ نارِ غريبٍ بعدَهم بَرَدُ
 
أضعتُ عمريَ في همٍّ وفي نكدٍ
فذا وذاكَ على الأحشاءِ يتَّحدُ
 
ويرحلُ القلبُ في هيماءِ غُربتهِ
مسافراً ضاع منهُ الرَّحلُ والعددُ
 
يطيرُ في الريحِ أوراقاً مبعثرةً
يلمُّها تعبُ الأيامِ والنكدُ
 
تمرَّدَ القومُ حتى صرتُ أوَّلَهمْ
لتحتوينا غداً أزمانُنا الجدُدُ
 
تجري الرياحُ فنحنو تحتها وجَلاً
كي لا يكسَّرَ منا الساقُ والعضُدُ
 
وينكأُ الأمسُ ما داوتهُ أزمنَتي
لينزفَ القلبُ هتَّاناً لمن بَعُدوا
 
مواسمُ التيه قد قامت على خلَدي
يا قلبُ فاجنِ ثماراً ما لها عددُ
 
يسافرُ العامُ تلو العامِ مندثراً
والخطوُ شاخَ وما يصبُو له بدَدُ
 
أين التجلُّدُ والأيام أجمعُها
تدور كالريحِ.. أمسٌ يرتديهِ غدُ
 
تأبَّد اليأسُ في صحراءَ متعبةٍ
غريبةِ، ما لها أرضٌ وملتَحدُ
 
ناديتُ، خلتُ أجاب الأفقُ مسألَتي
إذ بالجوابِ صدايَ البائسُ المردُ
 
جزيرةٌ قلبيَ المقطوعُ عن بلَدي
في بحر تِيهي وفي التغريبِ منفردُ
 
عند احتضاري رأيتُ الضوءَ يهتفُ لي
وترجع الروحُ والأنفاسُ تصَّعَدُ
 
دخلت كوناً به الأنوارُ أوديةٌ
تضيء ما أَظلمتهُ النفسُ والخلَدُ
 
يا قلبُ، خذ من جمال الكونِ أجملَهُ
واسرجْ نجومكَ إن ضاقَت بنا البَلدُ.
© 2024 - موقع الشعر