ذات الطول - محمد بشار شيخ حمزة

عَزفَ الصَّبا وبكى على الألحانِ
قلبٌ تفطّر من لظى الكتمانِ

يشكو فِراق حبيبةٍ لكنّهُ
يُخفي شكايته عنِ الآذانِ

وأنينُه كالناي تعزف حزنها
فتضيف أحزاناً على الأحزانِ

وحروفُه تاهتْ لتحكي قصةً
لتكون موعظةً مدى الأزمانِ

عَشِقَ الفتى (حَلباً) وليستْ مُلكَهُ
يا ويح هذا العاشق الولهانِ

ياليته عشق الثُّريَّا و السَّما
فَهُما لَأَهونُ في عظيم الشانِ

لكنّ حبّ المرء ليس خياره
فهو اختيار الواحد الديانِ

لا زال يوماً بعد يوم حبُّه
يزداد حتى صار كالإدمانِ

ومضى يعبُّ كؤوسها بشراهةٍ
أمسى به السُّكرُ إلى الهذيانِ

وبسحرها صهرتْ فؤاداً ذائباً
حتى غدا بمراحل الغليانِ

لكنه أيّااان أن يحظى بها
أو أن يطال لقلعة التيجانِ

فهو الفقير بكل شيء يُرتجى
ياليت شعري للفقير العاني

وهي التي مَلَكَ الملوكُ حصونها
وغدوا بها حُكماً مدى الأزمانِ

واليوم ها قد أبعدوه بعنوةٍ
من أن يشمّ ترابها لثواني

يا ويح حال الحب دوماً ينتهي
بفراق من نهواه والهجرانِ

لم يبقَ في قلب الفتى مَن يُحيِهِ
وبدا لسكراتِ الممات يعاني

نادتْه شهباءُ الحبيبة يا فتى
هَبني الفؤاد ومُت عظيم الشانِ

ظفر الملوك بقلعتي لكنهم
لم يملكوا قلبي ولا لثواني

فرح الفتى في حين مات مودعاً
حلبَ التي ملأتْهُ باطمئنانِ

© 2024 - موقع الشعر