لمريم هذا النشيد

لـ علي بن الساسي كرامتي، ، في الرثاء، 15، آخر تحديث

لمريم هذا النشيد - علي بن الساسي كرامتي

*** لمريم هذا النشيد ***
 
تمرّ هذه الأيّام الذكرى الثانية لوفاة خالتي و يتعاظم الإحساس بفقدها فقد أمّا لي في حياة امّي و بعد وفاتها و كانت فعلا جزء من كياني و ذاكرتي و منارة تضيء لي مساحة شاسعة من الماضي أصبحت اليوم شبه مظلمة في غيابها و قد اكتنفها الضباب
-----------------------------
 
... و ها أنّ جزءا من القلب يمضي
و تمضي و إيّاه أحلام عمر كثيره
و داليةً تتساقط أوراقها في متاه الزّمان
تهبّ علينا رياح الألم
و تُغدِق من لفحات أساها علينا
فندخل موسم حزن جديد
لنحصد غصّةَ عمر تزيّى بثوب المراره.
***
بلا أمل في غد سوف يأتي
نواصل معترك العمر مشيا على حسك الانهيار
وقد أثقلتنا هموم الحياة
و خفّتْ حقائب أفراحنا .
يحاصرنا الحزن من كلّ باب
و تغرقنا موجة الانكسار العنيد
و تحملنا في مداها المديد
فكيف نسمّي الحياة حياة
و قد رحت عنّا بعيدا بعيد
تركت القلوب يسيّجها ألم حارق..
و دموع تنادي دموعا
و دربا خلا من مرور الفرح
و ساقية يتجمّد مجرى السّعادة فيها
نرى الأمس ظلاّ بعيدا ينادي علينا
و لا نستطيع الرّجوع
إلى ضفّة فيه تذْخر أحلى ليالي العمر
و يعتصر القلب شوقا إليه
و لسنا نرى منه أكثر ممّا يراه سجين
يطلّ على عالم مُبْهَمٍ من كُوى سجنه
فمن يحرس الأمس في أعماقنا من رياح الضّياع
و يحمي لنا ذكريات هي الزّاد في عالم لم يعدْ يُحتمل
لكي نستطيع احتمال برودة حاضرنا
وجوع إلى كلّ ما هو حلو لدينا
و من يحرس الدّفء فينا
و يربط أيّامنا بضياء الفرح
***
لقد ذهب الأمس يا خالتي ذهب الأمس..
يحمل رائحة الخبز و القهوة المنزليّة ..
و الملح في كسرة من رغيف
و دفء المواقد في ليل قرّ طويل
و ظلّ الكروم إذا اتّقدت جذوة الحرّ ..
في ذات صيف عنيف
و أصوات حصّادين تحدو أناملَهم رغبةُ الانتصار
على ضعفهم حين يشتدّ قيظ النّهار
فتعلو أغاريدهم في انتشاء
و هو يسمعون المناجلْ
توقّع ألحانها السّاحره
على وتر من كمان السّنابلْ
لقد ذهب الأمس يحتمل الأمسيات الجميله
و ما يسعدُ القلب في بحر وحشته الغائمه
و لم يبق إلاّ الزبد
و دمعا على نعمة لن تعود
و جرحا نما في شروخ الكبد
تصدّع من حولي الكون و انثال سيلَ شظايا عليّ
لقد ذهب الأمس يا خالتي حاملا ذلك الطّفل في سيل أنقاضه المرتحلْ
و لم يبق منيّ سوى بعض طفل و شبه رجل
و ما عاد في وسعنا أن نتباطأ حينا
و نوقف مزولة العمر كي لا يمر
و ريح الرّحيل الّتي لم تزل تتآمر في كلّ حين علينا
و تسرق منّا الّذين نحب
و لا أن نناور بضع ثوان
نرسّخ فيها على سور أعمارنا ..
ما يقيم به أَوَدَ القلب في لحظة حانيه
و يسري بنا في مدار السّرور
و لكن تكسّر جسر العبور إلى الضفّة الثّانيه
و امسيتُ وحدي
أسيرَ الزّمان يطوّح بي حيث شاء
و مرّت مراكب تلو المراكب
و ما عدت أقدر أن أعتلي صهوة الرّيح ..
كي أتفادى الفراق المرير
 
لقد ذهب الأمس يا خالتي
ولم تبق إلاّ ثيابك أعبر من عطرها
إلى كلّ ما ضاع منّي من اللّحظات الهنيئه
و أقتنص الفرح الغضّ من لونها القزحيّ
لعلّي ألوّن أيّاميَ الحالكات بلون الأمل
فعيشي إذنْ فيّ زيتونة لا تموت
و لحنا إذا عنّ في خاطري..
دانَ بالابتسام لقلبيَ هذا الوجود
و علّمني الصّبر حتّى لقاء جديد
لتجمعنا شرفة في صروح الأزل

مناسبة القصيدة

مرّ هذه الأيّام الذكرى الثانية لوفاة خالتي و يتعاظم الإحساس بفقدها فقد أمّا لي في حياة أمّي و بعد وفاتها و كانت فعلا جزءا من كياني و ذاكرتي و منارة تضيء لي مساحة شاسعة من الماضي أصبحت اليوم شبه مظلمة في غيابها و قد اكتنفها الضباب
© 2024 - موقع الشعر