لوحة شعبية بألوان أرستقراطية - فرحناز فاضل

نعم، أنا من الذين
يهوون تزيين أطباقهم ..
وترتيب موائدهم
ليش بالضرورة شموع
وأجواء ذات أضواء خافتة بكل مرة
من الذين يمضغون لقيماتهم بكل تأنٍ ..
محتفين بكل لذة ومتعة
فتناول الطعام فن راقي ...
 
نعم، أنا من الذين
هم غير مولعين
بما ينشره الآخرون على حبال غسيلهم
فلا أشغل نفسي بما يفضل الغير ارتداؤه
ولكنني من الذين يهوون
التقاط اللحظات
ولا تخلو أي صورة ألتقطتها للحي
من الغسيل الباهر
فأي لوحة نابضة بالحياة تكون
دون تفاصيلها الصغيرة والملونة ...
 
نعم، أنا من الذين
يميلون إلى الهدوء
ويهوون الموسيقى
وقد لا يعتبرون
مطارق الحدادة
وشحذ السكاكين
وطرقات الإسكافيين
ومناداة الباعة المتجولين
وأحاديث الجارات غير المفهوم
صرخات صبيان المقاهي بالطلبات
طرطقة الفناجين والأكواب
غرغرة الأراجيل
حفيف الشجر
مواء القطط
خلخلة الخطوات المسرعة
واصطكاك النوافذ والأبواب
أنواع من الموسيقى
في جوقة يعزف كل من فيها عزفا منفردا متفردا
فتنشأ سيمفونية الحياة
التي تعتادها وتدمنها
دون أن تحدد متى تحبها ومتى تكرهها
فكلها مشاعر حياتية
تختلج بإختلاف طقوس الحياة
 
أوه، أنا أبغض الأحياء الشعبية
التي لا تنعم فيها ببعض الهدوء والراحة
ولكنني لا أستطيع ألا أعيش فيها
ففيها كل الحياة
 
نعم، أنا من الذين
يكرهون الحياة هكذا دون سبب
 
١٥ تشرين الأول ٢٠١٧م
#فرحناز_فاضل
© 2024 - موقع الشعر