نبلج ( فصحى ) - علي الحامد

لنيلج أطلالٌ دوارس معْلمِ
يقلن وهل تذكر زمان التأّلمِ

بموقع حمدانٍ وماقدجرى به
وباقي رسومٍ للهديل بسلّمِ

ولي في انفراد العزف جولة قارئٍ
يغوص بأقصى الحرف والناس نيّمِ

يخيّمْ بها صمت القبور ووحشها
وقد كن يوما للقوافيَ تلهم

أزور بقايا الدرس حينا وإنني
لتلك البقايا مشرئّب ومغرم

أتوق إلى تلك الأماكن كلها
شغوفا وأهديها سلاما معظّم

أكابد نهج القاطنين بحيّها
ردودا من الأضداد لسعة ميسم

وشارات طردِ قد فضحن وغيبة
وحالات إفسادٍ وسعياً لناقم

حكايات سوءٍ قد حبكن بحنكة
أبيني فراقاً ياسناء لتسلم

فلاخير فيمن ساقت الشر بيننا
وقد خاب من ينوي لصرحٍ تهدّم

يجاهد ذو الأخلاق عن كل راحة
ويأبى دنيئُ النفس إلا التأزم

فما أنا بالفتّان أبدي سرائرا
وأقوالهم عندي بحرز التكتّم

وأربؤ في نفسي عن السوء قائلا
دع الأمر للأيام تكشف ما عمِ

فذي الصمت لا يشقى ولا يشق غيره
وفضل كلام الأناسيّ مفحم

فلا تك في ضيقٍ يجر الى الردى
فربّ لفنسٍ خيرها في المعتّم

وما المرء إلا في الحياة مخيرا
وما في يد الأقدار أمرا مغمّم

فما يعلم الإنسان ما قد يصيبه
وما غاب لله العليم فسلّم

وقال زهيرٌ من قديمٍ فصاحة
إلى الحكمة الغراء يعزى وينتمِ

وكاء ترى من صامت لك معجبٌ
زيادته أو نقصه في التكلّم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
ولم يبق إلا صورة اللحم والدّم

وقد كان من خلف الكواليس نسوة
يرين لقائي خير حظٍ ومغنم

وماذاك إلا كي يحطن يحضوة
ويبعدن من كانت لها الكيف والكم

فمنهنّ ذات العشق والحب قاتل
تلمّح بالأشعار حينا وتسأم

ومنهن ذات الكيف تسعى لسلوة
تبيت وتصحو في الغنا والترنّم

ومنهن ذات الشر والفسق والخنا
لعوب طروب في لقاءٍ محرّم

ومنهن ذات الستر عالية الحجا
وذو الفطن لا يخفى عليه ملثّم

ومنهن من تنوي حياة سعيدة
بطول بقاءٍ لا لقاءٍ مؤزّم

ومنهن من ترقب ولم تبدِ سرّها
ولكنّ نور الشوق يفضح معتم

ومنهن من تدرك مقاصد شاعرٍ
وهيهات أن يدرك من الشعر مبهم

فلاهنّ يعلمن الذي كنت عانياً
بنثري وأبياتٍ من القلب تنظم

على الرغم من نأي المسافة بيننا
قريب لقلبي كما اليد للفم

فلا رغبةً للقلب فيهنّ غيرها
ولا يجزئُ المرءُ مع ماءٍ تيمّم

ففيها من الأوصاف مالله عالم
ولا مثلها في الكون سبحان منعم

ويعجز ذو الألباب عن وصف جسمها
ولا قادر يوفي جمالاً معمّم

ففي أدب جائت تسايق غيرها
فقيل وهل يجرؤ مسيح ومسلم

وعارية من أي نقص يعيبها
وفي النطق والأخلاق أنعم وأكرم

فلا غيرها سحر حلال أطيقه
وطرفيّ فيما غير فتنتها عم

ففي عينها سحرلهاروت قد بدى
وماروت في الأخرى على الناس يرجم

وفي وجهها نور وفي نحرها ضياء
وتحتهما بدرين يالكرز تعلم

وفخذين مع ردفين دوما تخاصما
من الضيق أفسح ياخصيم وأنعم

وساقين مبرومين لا ندب فيهما
يقولان للملساءِ هيّا تكلمِ

وما هذه الأوصاف إلا تخيلا
وأرغبها في الحق تغدو وترتم

فسبحان ربي كيف أبدع خلقها
وزاد لها بالحسن كيل المتمّم

© 2024 - موقع الشعر