غُرابُ البُعد

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

غُرابُ البُعد - محمد الزهراوي

غُرابُ الْبُعْد
 
أراها بِحاراً..
بِرُموشِها الطِّوالِ.
عِنْدَها كُلُّ
شَيْءٍ لِمَنْ أرادَ..
هِيَ تَعْرِفُني وتَعْرِفُ
ذُنوبِيَ الْكَثيرَةَ !
وإِلَيْها كَمْ
جُعْتُ يا يَدَ الشّعْر.
أُحِبُّ دِيارَها
وهِيَ بِلا بِلادٍ..
أُحِبُّها كَامْرَأةٍ
لا شَكْلَ لَها..
امْرأةٍ بَعيدَةَ الشّأنِ
كَوْنِيّةَ الْهَوى
والْغِيابِ كَأنْدَلُس.
رَأيْتُها وَحْدي
فيما لا يُرى..
كانَ ذلِكَ
ذاتَ نَهارٍ !
وقَديماً سَمِعْتُها
فيما لا يُسْمعُ.
أحِبُّها مَخْفِيّةً..
إذْ مُغْرَمٌ أنا
وأُحِبُّها تُحِبُّ
التّنَكُّرَ فأغْزُوَها
مِثْلَ مَجْهولٍ.
إنّها نَهْرُ انْزِوائِيَ
ولا أسْبَحُ
فيهِ إلاّ مَرّةً ؟
وظِلالُها ذاتُ
الألَقِ فِي الْمَعارِجِ
خارِجَ الْمعْلومِ أفْياءٌ
لا حَدَّ لَها تَفْتَحُ
الشَّهِيّةَ لِلسَّفَر.
إنّها أنا عَلى
قارِعَةِ الطّريقِ
وصَفْحَةِ الْماءِ
وتَنْتَظِرُنِي السّاعَةَ..
تَنْتَظِرُنِي لأِفُكّ
بِالرُّقى كَما فِي حانَةٍ
أزْرارَها الْخُرافِيّةَ
فَأَشُمّ طيبَها الْمُغْوِيَّ.
إنّها امْرَأتِي الْجَدَلِيّةُ
منْفايَ الْكَوْنِيُّ
مبْنىً ومَعْنى !!
امْرَأَةٌ لا تَغْفو ؟!
وأنا كَحَيَوانٍ لا
أدْري أيّ مَكانٍ
مِنْها يَنْبَغي أنْ
أُهاجِمَ أوْ أعْبُدَ.
إذْ فِي نَفْسِيَ
أنْفَسُ الأوْطارِ بِتُّ
مِنْها طامِعاً !؟
فَهِيَ وَالْمَدى واحِدٌ
أنْفاسُها الْعِطْريّةُ
تَمْلأُ الأرْجاءَ..
ولكِن لا أراها
إلاّ كَما يُصَوِّرُها
الْوَهْمُ وَالْمعْنى.
ولِكَثْرَةِ ما..
هِيَ شاسِعَةٌ..
أنا آتٍ مِن هُنالِكَ
لأِبْحَثَ عنْها
فِي وَطَني وَأموتَ
بيْنَ نَهْدَيْها مُغْتَرِباً.
ما الّذي عَلَيّ قوْلهُ
فَغِيابُها يَأكُلُني فِي
الْجِهاتِ السّبْعِ
تَحْتَ سَماءٍ كُبْرى !
ولأِنّني فِي الْغُرْبَةِ
تَحُثُّني إلَيْها الْمَنازِلُ
فَيُثْنيني وهَنُ الْعُمْرِ
غُرابُ الْبُعْدِ..
وَالْحُجبُ الّتي
لا تَنْزاحُ ؟!
وَالْقَبْرُ الْقَريب.
© 2024 - موقع الشعر