العائِد بالغُيوم..

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

العائِد بالغُيوم.. - محمد الزهراوي

العائِدُ بِالغُيوم..
 
جُنوناً بِها..
يَجيءُ أخْضرَ
الصّوْتِ وَالخَطْوِ
تسْبِقُهُ الْمِياه.
بِعُيونٍ مُهْتاجَةٍ مِن
تُخومِ الْمُدِّ خرَجْنا
إلى الأفُقِ
نبْحَثُ عنْه.
أين هُوَ..
أهُنالِكَ ؟!
ثَمّةَ .. أيْنَ ؟
لِكُلِّ شيْءٍ يجيءُ
بِالغُيومِ سَكْرانَ.
آتٍ بالسّنابلِ
وَالْمَطرِ..هذا
ما يُخالِجُني..
آتٍ لِعُرْيِ
الياسَمينَةِ والْفَتْح.
سَوْفَ يَجيءُ يَطيرُ
كَالْحُلمِ بِأجْنِحَةٍ أوْ
على بِساطِ ريحٍ..
هو آخِرُ ما لَدَيّ !
بَعيداً مِثْل مَنارٍ
في فنْجانِها المقْلوبِ.
رأيْتُهُ يْخرُجُ كالنّسرِ..
كالنّهارِ مِنْ مَغارَةِ
الليْلِ الْمَسْحورةِ.
هُوَ في حُلمي
خُيولٌ نافِرَةٌ.
مِنْ بَواباتِ الْفَيْضِ
يَهُبُّ عَلَيَّ..
نسْمَةَ ريحٍ.
بِخطَواتِ
مارِدٍ يَجيءُ
النّهْرُ في فلاةٍ.
أيْنَ يسْتريحُ..
إذا ما تعِبَ.
وأيْنَ يَنامُ عِنْدَ ما
يَهْبِطُ الليْل ؟!
ظِلالُه تكْسو التِّلالَ.
أغْرابٌ نحْنُ في
بُعْدهِ عَلى مِائَةِ مَيْل.
الطُّرُقُ بِدونهِ
كالِحَةٌ..آتٍ
يَمْنحُ الوُجودَ
معْناهُ الجميلَ.
هو يخُبّ في
ضباب رأسي.
حَتّى الزّمَنُ يُلاحِقهُ
يتَهادى في عُرْيِ مَطرٍ.
ليْسَ ثَمّةَ أحَدٌ لا
يسْمَعُ صَدى مَجيئِهِ
في رَحِم غابَةٍ أوْ
ضَميرِ إله..
ذاك هُوَ يُطِلُّ مِنَ
العُيونِ الْواسِعَةِ.
لوْ كانَ..
نافِذَةً لفَتَحْتُها.
ولكِنّهُ في
العُمقِ مِنْ
مَواقِع
النُّجومِ بِأنْدَلُس.
مَع النّازِحينَ إلى
البَحرِ أتَسَلّقُ إلى
ألَقِهِ السّماءَ.
إنّهُ أبْعدُ عَنِّي
مِنَ الشِّعرِ.
بِمَقْدورهِ أنْ
يصْنعَ الفُلْكَ.
هو ناءٍ في مَرايانا
ولا أدْري كيْف
تَناهى إليّ
مِنَ السُّحبِ !
تجْثو علَيْهِ كلُّ
نوارِسِ الْمَنْفى.
قُلْ لي أيُّها الليْل..
أيَكونُ هُوَ الصّباحُ؟
أنا مِن عُشّاقِهِ ..
ألعَبُ الدّومِنو مَع
مُنْتظريهِ الطّيبينَ.
وَتَقولُ العَرّافَةُ :
أبْصَرتهُ آتٍ
يُعوِّضُها السِّنينَ
الضّائِعَةَ مِنَ العُمْر.
امْنَحوا الْماءَ
فُرْصَتَهُ الأخيرَةَ.
فَفي بالهِ
تَضاريسُ عُذوبَتِها.
يَجيءُ أرْوَعَ مِن
الشِّعْرِ مَشْحوناً
بِأشْواقهِ الزّرْقاءِ.
وكأيّةِ ريحٍ
ساعَةَ الاشْتِهاءِ.
هوَ عائِدٌ مِنَ
النُّهى يا امْرَأةً
مُتنكِّراً..
مِثْل أودِيسْيوس.
يجيءُ مُكْتَمِلاً قَمَري
بِبَسَماتهِ الباذِخَة.
ويَعِزُّ عَلَيّ أنْ
أموتَ ولا أراه.
الآنَ لِلَحْظةٍ..
توهَّمْتُ أنِّيَ أشاهِدُ
ظِلّهُ في الْمَرافِئِ
مُمَزّقَ الخاصِرَة.
هلْ لا يَجيءُ ؟!
أيَسيرُ وَلا
يعْرِفُ أيْنَ ؟
ها قدْ رَسَمْتُهُ
عِندَ السِّياجِ.
البابُ مُوارَبٌ وَأنا
أنتَظِرُ عَلى العَتَبة.
وَلا شيْءَ أُريدُ..
حين يَجيءُ تخْفرُهُ
أفْجارٌ خُضُرٌ
وَلذائِذُ تصْهَلُ..
وَالمِياه ؟!
© 2024 - موقع الشعر