لمْ يَكْفِني دمعي ..!/قصيدة رثاء والدتي ..

لـ غسان عبد الفتاح، ، في الرثاء، آخر تحديث

لمْ يَكْفِني دمعي ..!/قصيدة رثاء والدتي .. - غسان عبد الفتاح

أكسوف شمس أمْ هو الإعتامُ
أغشى عيوناً صابها الإظلامُ

اسعَدْ بكنزك ياثرى ! واريتها
وَتَرَكْتَنا يعصفْ بنا الإيلامُ

تلك البنيّة في الحجاز كسيرةً
في البعد تنهش صدرها الآلامُ

وصباحةٌ في الشامِ يُحْرَقُ قلبها
كَمَداً عليكِ .. وهَدَّها الإسقامُ

بَعْدَ الفراقِ أصابنا ضُرٌّ وما
رَفَقَتْ بِنا مِنْ بَعْدَكِ الأيّامُ

نَحَبَتْ رُبى حَوْران باكيةً عَلَيْ
كِ وأمطرتْ حرّ الدموع شآمُ

ودْيانُها جَفَّتْ , وأمْحلت السهو
لُ , وحلَّ في كبدِ السماء جَهَامُ !

وحمائمُ الأمويّ ناحتْ وانحنتْ
في قاسيون ذُراهُ والآكامُ

مَشَت الرياحُ وَئيدَةً قُرْب المقا
م وعَطَّرَتْ أنفاسَها الأنسامُ

لولا مخافة ربنا وحسابه
وتنال منّي لعنةٌ وأثَامُ

لَحججتُ للمثوى أقيمُ مناسكي
حتّى يُقيم الساعةَ القيَّامُ

لمّا رحلْتِ عنِ الديار فإنّها
وَفَدَتْ إليها النائباتُ جسامُ

غَمَرَ الأسى شَطآنَ قلبي وامّحَتْ
ضحكاتنا واسوَدّت الأحلامُ

أوْجَعْتِني , من بعد مافارقتني
حطّتْ عليّ رحالها الأسقامُ

مِنْ بَعْدكِ الأيّام صارتْ مُرّةً
والابتهاج مُغَيَّبٌ وحرامُ

لاتُيْنع الأزهارُ في روضاتها
إنْ غابَ عنْ هَمْرِ الغُيُوثِ غمامُ

إنْ كانَ غَيَّبكِ الردى عَنْ مُقْلَتِيْ
فوداد روحي اجتاحها إضرامُ

تلك الأماسي في الديارِ تبعْثَرَتْ
ماعاد فيها فرحة ولِمامُ

الكرْمةُ السمْحاءُ تشكو وَحشةً
فالكرمُ ضاعَ وغادرَ الكَرَّامُ !

والياسمينةُ وَسَّدَتْ أَغصانَها
مُرتابة وعُيونُها هُيَّامُ

تَتَفحْصُ الآتينَ تَكْتُمُ بَوْحَها
ويَجيشُ فيها لوعةٌ وهُيامُ

أَتراهُ ضَلَّ حبيبُنا ؟ أو ربما
قدْ تَوَّهَتهُ عَتْمةٌ وزحامُ !

وشُجيْرة الليمون مُذْوًى زهرها
مِنْ روحها سَلَبَ الشّذا إغمامُ

بَكَت الديارُ وَلَمْلَمتْ أحجارَها !
بعدَ المليحةِ لايطيب مُقامُ

أَتُقيمُ دارٌ زالَ مِنْ أركانها
أُسُّ البِنا , كانتْ عليه تُقامُ !

ماعاد يَطْرُقُ بابَها ذو حاجة
أو حَوْلها يَتَقاطَرُ الأيتامُ

لَوْ أَصْبَحَتْ كُلّ السهوب صَحَائِفاً
أَوْ حُبِّرَتْ باللّجْة الأقلامُ

فَلَسَوْفَ أبقى عاجزاً عن وصفِها
وتخونني الكلماتُ والإلهامُ

وتُقصّر الأشعارُ عنْ إيفائها
حقّ المديح وَتَقْصُر الأفهامُ

© 2024 - موقع الشعر