بغداد كَبْوُكِ أنْهَكَنا .. ! / الشاعر غسان عبد الفتاح - غسان عبد الفتاح

سُحّي دموعَك يابغداد وانتحبي
ننعي إليك بقايا رِفعة العربِ !

بالأمس هِيضَتْ من العربان أجنحة
واليوم أنتِ ولن يبقى سوى الزغبِ !

تباً بني يعربٍ أحوالُكم حَقِبَتْ
ومن بذي الحال سَبّاق إلى العَطَبِ !

سطا الطغاة على أغلى نفائسكم
فما سمعنا سوى التهديد والصخبِ

فذا "السعيد" الذي اغتالوا سعادته
أصْلوه ناراً وزادوا النفخَ في اللهبِ

وذي الشآم التي كانت لنا أملاً
اليوم تجْرع كأس اليأسِ والوصبِ

بالأمس شِدْتِ و"عين الشرق " جاهَتنا
كنتم وُحِيَّ ذوي الأقلام والكتبِ

وعمَّ شأنُك والفيحاء ناصرة
سُدْتمْ ممالكَ عنها الشمس لم تغبِِ

لما أفضتمْ على الغبراء خيركمُ
لم يرقب القومُ مايأتيْ من السحبِ

جحافل المجد لم تشتق إلى دعةٍ
ولا سيوف العُلا تاقت إلى القُرُبِ

طُرّتْ نجومك في الأصقاع باسِطة
نورالمعارف والحِكْمات والأدبِ

بنيتِ مجداً وراء الأفْق ساحته
عنه ليوثك لم تَغْفل ولم تغبِ

أنعمتِ سِلْماً على الأرجاء قاطبة
واليوم تُمسي على الأحزان والنُّوَبِ

مابالك اليوم يازوراء مذعنة
لمنْ بأمْسكِ قد جُثّْوا على الركبِ

لو كان مجدك كثْر النَّحْب يرجعه
كنا بكيناه حتى آخر الحقبِ

لكنّ عزك يابغداد يَبعثُه
ذوو الشكائم من أبنائك النُجُبِ

لِأَنَّ كبوك يابغداد أنهكنا
يكفيك غفواً وقومي الآن وانتصبي

إذا سهام الأعاديْ أوهنت بدناً
فإنّ روحك لم تُوهَن ولم تُصَبِ

سُنّي الصوارمَ خلّي الكرّ ملحمة
فذا أوانك يابغداد كي تثبي

سُوقِيْ الحِمام إلى الباغين يُلْقِمُهمْ
مُرَّ القصاص وسوء العيش والعُقُبِ

العُرْبُ تهفو إلى بغداد ظافرة
فزلزلي الأرض يابغداد والتهبي

ظنّ الطغاة بأنّ الأمة اندثرت
أرِ الطغاةَ بأنّ الظنّ كالكذبِ !

بغداد يابنة ماضينا ودرّته
أَحْيِي الرشيدَ ورُدّي هيبة العربِ !

© 2024 - موقع الشعر