ويحكِ يادمشق .. ! - غسان عبد الفتاح

مفاخر الشأو كنّا ياشآم وما
أبقيتِ منْ شأونا إلا رُغَاً عَدَمَا

أَضَعْتِ مجداً حباكِ الله دُرَّته
وما أضَعْتِ ستجني بعده الألَما

صار العويل على الأبناء مفخرة :
لاربح في وطنٍ الدمعُ فيه همى

السهْلُ يبكي على خيرٍ تَوَسَّدَه
دهراً ، فضيَّعتِ منه الخيرَ والنِّعما

وغوطةٌ نَدَبتْ تنعيْ إلى بردى :
في قاسيونك ثُلَّ العرش وانحطما

أبَحْتِ طهركِ للغوغاءِ تدْنسهُ
حتى اسْتساغكِ منْ لايَخْفِرُ الذِّمما

تكالبوا كضباعٍ شدَّها نتنٌ
والضّبع أنيابُها تسْتَطْيبُ الرّمما !

إذا برِئنا يُفيضوا كأسنا وَصَباً
وإن خبا البغضُ زادوا الشّعلَ والضَّرما

الكلُّ يذرفُ دمعَ الكذب ياوطني
وكلّهم عهروا ، واستحللوا الحُرَما

أثْقَلْتِنا كُرَباً ناءتْ بها كبدٌ
لو أعنتتْ جبلاً من وطْئِها انهَدما

تلك الشآم التي كنّا نهيمُ بها
كانتْ بلاسمَ تشفي القلبَ إنْ كلما

للعُرْبِ منْ أمد التاريخ مفخرة
ماذلَّها غاصبٌ أو نكَّستْ علما

إذا تَزَمْجَرَ سيفٌ في معاقلها
صداه كان يُنيخُ الفرسَ والعجَما

وإنْ أراحتْ سيوفاً في غمائِدها
ترى القراطيس هبَّتْ تُوقِظُ القلما

لمْ يَغْشَ ليلٌ نهاراً فيه مظلمة :
للحقّ فيها نُصولٌ تحْفظُ الذّمما

الغارُ ياشام لمْ يَعبِقْ طواعيةً
حتى يفوح سكبنا في رُباه دمَا

والمجدُ ياشام لن يبقى برفعته
مالمْ نظلُّ على أبوابهِ خَدَما

ويحٌ لقومٍ أزالوا منْ سرائرهم
عرى الأخوة ، والغفران والنَّدما!

وَيْليْ عليكِ شآمٌ ضِعتِ منْ يدنا
فهل يعودُ إلينا الصّبح مُبتسِما

أهَلْ نعودُ يعمُّ الودُّ مسكننا
أمْ قدْ سُبينا وبات الأمر مُنحسِما

أمِنْ سبيل إلى لُقْيا ومرحمة
أمْ قدْ ضَلَلْنا ولُقْيانا قد انهزما !

أُوبيْ دمشق بكلّ العزّ شامخة
يهواك منْ لمْ يزلْ في المهدِ مافُطِما

مناسبة القصيدة

نحن نحب تلك الشآم ، شآم التي كانت بلاسماً وفخارا ، شام المحبة والإخاء.. أما شآم اليوم فنحن عاتبون .. وغاضبون ! لكننا نحبها وسنظل . أنا لست أتوجه لشآم التاريخ.. المفخرة ، بذاتها .. وإنما لأهل الشام : ولاأحمّل المسؤولية لهذا أو ذاك ، فالكلّ خاسر .. والوطن هو الخاسر الأكبر ! اتخذت الشام رمزاً ، وكتبت قصيدتي !
© 2024 - موقع الشعر