قَصيدَةُ الغِياب

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

قَصيدَةُ الغِياب - محمد الزهراوي

قَصيدَةُ الْغِيّاب
 
هذا
الأرَقُ يَكادُ
أنْ يَكونَ هُوَ..
وَمَحْفورٌ في
ذاكِرَتي كَنهْرٍ!
يَخْضَرُّ فِيّ
مِثْل شَجَرٍ وهُوَ
غَيْرُ آبِهٍ. .
فآهٍ لَوْ أصِفُ
لَكُم آلامَهُ؟
بَيْني وبَيْنَهُ هِيَ
وهُوَ هذِهِ الرّيحُ.
حُضورُهُ يَزْحَفُ
فِي ضَباب
رَأْسي مِثْلَ ضَوْء.
وَعابِقاً بِالطّلْعِ
يُلَوِّحُ لي..
عَيْناهُ غابَتا نَخيلٍ
وَعَتَباتُ أمْنٍ.
فِي كُلِّ خطْوةٍ
لَهُ بِدايَةُ عُرْس.
يَتَراءى كَما
يقولُ المطَرُ..
فِي بَرْزَخٍ بيْن
الشرْق والغَرْب.
ياحُضورَهُ الْبَعيدَ
مُدَّ لِي يَدَيْك!
هذا ما أنْهَلُ
مِنْهُ فِي زَمَني.
وَتَطيرُ رُبّما بِهِ
إلَيْنا الطُّرُقُ !
بَيْني وبَيْنَهُ بَحْرٌ..
فأيُّ مَدٍّ..
يَأْخُذُنِيُ إلَيْهِ أوْ
يَجْلبُهُ إِلَيْنا ؟
أيَحُجُّ يَوْماً إلَى
سَكَني أوْ يَجيءُ
مَعَ النّسيمِ ؟
احْتِواؤُهُ
لِيَ يومِضُ..
اَلنّهارُ صَهيلُهُ
ونارُهُ لا
تَسْتَسْلِمُ لِرُقادٍ.
إذْ كُلُّنا..
نُناديهِ وَالْمَدى
والْمُدُنُ الْمَذْعورَةُ.
كُلُّ شَيْءٍ تَوَقّفَ
وَكُلُّنا فِي الْمَرْفَأِ.
الْمَدينَةُ سَهْرانَةٌ
وَبَيْنَ الْجُموعِ
أبْحَثُ عَنْ عيْنَيه.
بِكامِلِ الأوْصافِ
يَتَجَلّى وَفُحْشُهُ لا
غِنىً لَنا عنْه !
أرى الْعَذابَ يَكادُ
أنْ يَكونَ سُحْنَتهُ
وَلا حَدّ لِلشُّموسِ
بيْنَ يَدَيْهِ..
إذْ لا حُدودَ
لِهذا التّشَرُّدِ وَلا
حَدّ لأِقْمارِهِ
فِي دَمي !
ما أُحِبُّهُ لَيْسَ
هُوَ بَلِ الشِّعْرَ
الّذي فيهِ
وَالْخُلُقَ الشّريف.
ذاكَ هُوَ..
وَما أرى مِنهُ
فِي الْمُمْكِنِ أقَلّ
بِكَثيرٍ مِمّا..
أُحِبُّ أنْ أرى؟
وَحَيْثُما كُنْتُ
أرْصُدُهُ..
وَأراهُ بَريقأً.
أنْتَظِرُهُ
بِصَبْرِ الْجِبالِ
وَالْمَسافاتُ
تَهْذي بِهِ
وَتَشْكوهُ حالِي!
فَأنا هُوَ وهِيَ
أنا ورَمَوْهُ
أَمامَها بِألْفِ
حَجَرٍ كَنَبِيٍّ..
وَهِيَ بِالْبُهْتانِ.
كُلُّنا نَرْصُدُهُ
فِي الْحواري..
نُكَفْكِفُ دَمْعَ
الْقَصيدَةِ وَنتَفَقّدُ
طَللَهُ الْكَوْنِيّ.
آهٍ ياهذا..
هُوَ مِثْلي ؟
مَنْذورٌ لِلْمَنافِي!
وَجَنّدْتُ نُسوراً
فِي أسْفارِ وَهْمِي
وَكُتُبِ الأساطيرِ
وبِلادِ الإِغْريقِ
لِلْبَحْثِ عَنْهُ وَجَنّدْتُ
حَتّى الشّائِعاتِ
بَعْدَ أنْ كَتَبْتُ لَه.
أتَوَهّمُ أنّهُ يُناديني
وَكَمْ يَصْعبُ عَلَيّ!
تَحْتَ أيِّ حَجَرٍ
أوْ شَجَرٍ يَنامُ..
وَمِنْ أيِّ نَبْعٍ هُوَ
يَشْرَبُ الآنَ ؟
شَوْقُهُ يَهُزُّنِي..
أنا الآنَ دونَهُ
بِلا صاحِبٍ.
وَأُطِلُّ عَلَيْهِ فِيَّ
مَعَ بينيلوب
وامْرَأةٍ ثَكْلى..
مِنْ خِلالِ مِرْآةٍ.
مَتى يخْرجُ عَلى
النّاسِ أوْ يَجيءُ.
رُبّما هُو في..
قَوْقعَةِ حَلَزونٍ
أوْفي مَغارَةٍ..
مثْلَ نَبِيٍّ؟!
© 2024 - موقع الشعر