امْرَأة المَدارات

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

امْرَأة المَدارات - محمد الزهراوي

امْرَأةُ الْمَدارات
إلى..
روزا لوكْسمْبورغ
 
طارَتْ
بِأجْنِحَةٍ بَيْضاءَ.
لِماذا هِيَ بِالذّاتِ
تَخَيّرتْها الأنْجمُ.
غابَتْ في النّارِ
السِّحرِيّةِ..
انْسابَتْ كنَمِرٍ.
إلى أيِّ فَضاءٍ في
حَفيفِها مِنّا انْسَلّتِ ؟
كأنّما اسْتَخَفّها
مرَحٌ طارِئٌ لِتَرْحَلَ
عنّا كَزُمُرُّدَةٍ في
غُموضٍ مَحْض.
ماتَتِ امْرَأةٌ
مِن مَطَرٍ..
سَريعاً مَرّ بِنا
قِطارُها وَخَلّفَ
سِرْبَ كَمَنْجاتٍ.
ماتَتِ امْراَتُنا كُلّنا
امْرأَةٌ جَميلَةٌ غَفَتْ
كَترْسانَةِ وَرْدٍ..
كانتْ في السّرِّ
والعَلَنِ جَميلَة.
ماتَتْ لِتُتِمَّ
دوَرانَها
حوْل الشّمْس.
فادِحٌ غِيابُها
في الْمَداراتِ
وَما زالَتْ طُيوفُها
تَعْبَثُ بِالْعُقولِ.
عَلّمَتْنا كيْفَ نَلْقى
كيْفَ نحْيا..
كيْفَ نَموتُ
وَنَحْنُ نَشْقى !
علّمَتْنا كيْف نُطَرِّزُ
الآبْتِسامَةَ بِالفُلّ
وَالسّوسَنِ وكيْفَ
نُحِبّ ونَحْزن.
كَعُذوبَةِ ضَوْءٍ
يَرِنُّ وقْعُ بِلَّوْر
قدَمَيْها في أعْماقي.
بِأُبّهَةِ الْمُلوكِ
الْحالِمينَ ..
باكِراً تَحْت سَماءِ
اللّهِ رَكِبَتْ
قِطارَها الكَوْنِيَّ
إلى حَيْثُ عَرْشُها
في الْمَلَكوتِ.
عَلى أنّاتِ نايٍ
ضَخْمٍ تبْتَعِدُ
عَنّا الْمَحّارةُ .
امْرَأةٌ تَرْوي
أسْطورَتَها اللّيالي !
ماتَتْ وَأنا
غَريقٌ بِها ؟
مَنْ ذا الذي ينْسى
أُنْثى الْوُعولِ ..
عُرْيَهاالأبْيَضَ
وَفَوْحَ بَراريها
وَيَنْسى عُطورَ مَرْيَمَ
التي بَقِيَتْ مِن
طينِها الْمُقَدّسِ ؟
أيَّةُ مَرايا احْتَضَنتْها
في البَعيدِ مَلِكةً
للْبِحارِ والرّيح !
هذا أوّلُ اللّيْل ..
كانَ مُلْهِماً رُمْحُها
الغَضُّ لِلسّالِكينَ
في براري اللّيْل .
سَريعاً مَرّ بِنا
قِطارُها الوَسيمُ
وَزَرَعَتْ فينا
غاباتٍ مِنَ الْقُبَلِ
والوَرْدِ في
فيافي النّهاراتِ.
فَرَسٌ كَوْنِيّةٌ هذهِ
أبَداً تَحْلُم بِالرّكْضِ .
تُصَلّي عَلى هَواها
وَيَنْتابُها في مَراعي
الغَدِ نوباتُ جُنوني.
ما زِلْتُ مِنْ
شُموسِها مَخْموراً .
مُنْهَكاً بمُجونِها..
وَتَرَكتْني في الْمَغارَةِ
مِثْلَ وَعْلٍ جَريح
© 2024 - موقع الشعر