المَدينَة

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

المَدينَة - محمد الزهراوي

الْمَدينَة
 
جِئْتُها
قبْل زَمانِي..
جئْتُها مِنَ
البَعيدِ وَجِئْتُها
أُحَدِّقُ فِي..
كُلّ شيْءٍ أراهُ
يُداهِمُني الليْلُ عبْرَ
أزِقّتِها الْحَزينَة.
وَبِتُّ كمُطارَدٍ..
لا يُؤْنِسُني وَحْش.
ومَنْ يُؤْويني ؟
هذا صَوْتٌ
ما يُنادي..
إنّها الْمدينَةُ..
الوَحْشُ
الْخُرافِيُّ الجَميل.
اِحْذرْ..
أعْذبَ ما فيها
لا يغُرنّكَ أنّها
ياوَلَدي تبْتَسِمُ.
اِحْذرْ مَساحيقَها
أحْمَرَ شفَتيْها
أضواءَها
الشّجِيّةَ الخادِعةَ
نِساءَها إذْ
يُمِطْنَ الْحياءَ
وَجْهَها
الْمُغْوي بِالوَسامَةِ
لُغتَها الْحميمِيّةَ تَغْمِزُ
بِعَيْنَيْها وَجِلْدَها
النّاعِمَ كأفْعى.
اسْألْني كمْ
ضِعْتُ فيها أنا
الشّاعِرُ الْمنْسِيّ.
اسْألْني..
وَ واخَوْفِي علَيْكَ
مِمّا لا..
يُرى وَالْمَبْغى.
إنّها الْمدينَة..
جَذّابَةٌ كطاوُوس.
الْعَروسُ
الّتي بِلا قَلْب..
لَم تعْرِفِ
الْحُبّ يَوْماً.
تسْتَهْويكَ وَهِيَ
تنْفُثُ السُّمَّ.
وَالآنَ لَمْ
أُصَدِّقْ أنَّها تعَرّتْ
مَعي مَزْهُوّةً..
تعَرّتْ كَما لوْ
كانتْ وَحْدها.
ومَنحَتْني كُلّ شيْء.
كُلَّ شيْءٍ وَتعَرّتْ
مَعي الْمُدُنُ فِي
أبْعَدِ الْقارّاتِ..
وَحتّى الّتي لَمْ
أعْرِفِ اسْمَها باتَتْ
على مائِدَتِي..
جارِيَةً مَسَحْتُ خَدّها.
وَسَوْفَ تَظَلُّ
عنّي تسْألُ.
احْذرْها ياوَلَدي..
اِحْذَرْ فاها
الْمُدَخّنَ أسْنانَها
الْمَعْدنِيّةَ والْمَبْغى.
اسْألْني..
وَواخَوْفِي عَليْكَ
فيها مِمّا..
لا يُرى !
© 2024 - موقع الشعر