سوريا .. لاتحزني حبيبتي ! . - غسان عبد الفتاح

طوبى لهذا الشعب أنهكه الشقاءْ
ما أن يغادر من بلاءْ
حتى يعاد إلى بلاءْ !
طوبى لطفلاتً تنام على الرصيفْ
نامتْ تشدُّ البطنَ تحلمُ بالرغيفْ !
وبشبهِ أرديةٍ تدثّر ذلك البدن اللطيفْ
واللعبةُ المكسورةُ المهداةُ من أمٍ قضتْ
بالكاد تحملها عظيماتٌ لصدرٍ ناتئٍ
السلُّ فيهِ ينخرُ
لينال منْ جسدٍ ضعيفْ :
كم كان غضاً منذ أيامٍ مضتْ ! .
البرد عشعش في ضلوعٍ منهكهْ ..
استبدلت أحلامها :
ماعاد ينفعها الرغيفْ !.
طوبى لأطفالٍ يتامى.. للأراملْ
صارتْ بلا مأوى.. فآواها العراءْ
ولأمهاتٍ ذُبِِّحتْ أطفالها
جهراً جهاراً..دونما أدنى حياءْ
بمدىً مثلمةٍ لتَذبحَ في هدوءْ !
جزارهمْ يحذوه فيما يفعلهْ :
حرفيةُ التنفيذِ .. إثباتُ الولاءْ !
حرقوا منازلَ.. هدَموا جدرانها
سيقتْ حرائرها سبايا ..
فتكوا بأعراض العذارى ! .
وعلى صدورِ الأمهاتْ :
ومن الوريد إلى الوريدْ
نحروا رضيعاتً على وشك الفطامْ.
عبثوا بأرحام الحبالى
سكينهمْ :
ماوفّرتْ حتى الأجنّه !
وجميع سكان الوطنْ
في شرعهمْ :
إمّا عبيدٌ أو إماءْ !.
حمقى "وساديّونَ " أنتمْ !
صرتمْ بمرحلة الشذوذْ :
فروائح الدم في ضحاياكمْ تثيرُ مجونكمْ
تخْتالُ في نزواتكمْ
ويُجنُّ فيكمْ عهركمْ :
فتسارعونَ إلى مزيدٍ من دماءْ
حتّى تزيدوا إنتشاءْ .. !
ولأنكم أخلاقكمْ خلق القطيعْ
ولأنكمْ طبع القطيع طباعكمْ :
لاتكتفونْ ... !! .
يتقمّصُ الشيطانُ في أرواحكمْ
وقلوبكمْ ..
في سمعكمْ وعيونكمْ
بعظامكمْ وبلحمكمْ
ويفوحُ منْ أنفاسكمْ..
الجنُّ فيكمْ كلكمْ ..
الجنُّ في آبائكمْ
ورجالكمْ.. ونسائكمْ
الجن في زوجاتكمْ
في نسلكمْ ..
سحقاً لكمْ :
لاطبّ ينفعكمْ ولا
يجدي علاجٌ ..
ماعاد يجدينا بكمْ
إلاّ صواعقَ حارقةْ
تفترُّ عن صدرِ الشعوبِ الملتهبْ
تجتثُّ منكمْ شركمْ
تجتثكمْ..!
أمثالكمْ مثل الوباءْ
لايرتجى منه شفاءْ !
لاشيء يمحو رجسكمْ
إلا لهيبٌ من عقودٍ يستعرْ !
لابدّ منْ إحراقكمْ ! .
الشعب هذا .. المضمخُ بالفخارْ
سيطهّرُ الأوطانَ منكمْ ..
وسيحجبُ الأحلامَ عنكمُ والمطرْ !
ولسوفَ يطفئُ شمسكمْ ..
سيثورُ كالبركانِ فوقَ رؤوسكم ْ..
بئس المصير مصيركمْ !!
جنيّكمْ هذا سيرجعُ قمقمهْ ..
وإلى المزابل ترجعونْ
منْ حيث جئتمْ ترجعونْ ! .
لاتفرحوا :
لستمْ إلى مزابلِ التاريخ أنتمْ ذاهبونْ..
فمزابلُ التاريخ لا تقبلْ بكمْ !
ستصابُ بالغثيانِ لو يرمى بها أمثالكمْ !.
منذ الأزلْ :
أعتى الطغاة استوعبتْ ..
لكنها معكمْ ستكرهُ نفسها
مامرَّ فيها مثلكمْ :
" عشق الجريمة عندكمْ
مثلَ التعبّدِ والصلاةْ "
ترتاحُ فيه روحكمْ.. ! .
* * * * * * * * * * * * * * *
في أرضنا .. منذ الأزلْ
القومُ عاشوا في رخاءْ
ماكان يشغل بالهمْ إلا العطاءْ ..
الرملُ في صحرائهمْ
زهرٌ تفتّحَ .. واخضرارْ..
غلَّتْ حجارتهمْ ثمارْ !
كانتْ فراخ طيورهمْ
" في البيضِ قبلَ الفقسِ " تصدحُ بالغناءْ
ورضيعهمْ .. يُلقي أناشيداً وشعرا
بمحبةٍ الكلّ عاشْ ..
نامتْ حمائمهمْ بأوكارِ الذئابْ
حتى الوحوشُ استأنستْ :
مااحتالَ ثعلبهمْ ليستوليْ على جبنِ الغرابْ !
لم تفترسْ ضبعاتهمْ طفلاً ينامْ !
أسلافنا
بالعدل عاشوا في أمانْ
لاحاكمٌ يطغى ولا باغٍٍ يجورْ :
حتى أتتْ النائباتُ منَ الزمانْ
وتغوَلتْ فينا وغابَ العدلُ عنا
فتغيرتْ أحوالنا
وتعاقبتْ حقبُ الهوانْ ...
منْ بعدِ كلّ الخير في أوطاننا :
عم الخرابُ وسادت الفوضى بأرجاءِ المكانْ
"ياأمةً نُكبتْ بكلِّ وجودها
صبراً.. فإن الشمس تشرق في أوانْ !"
واستبشروا.. النصرُ آتٍ لامحال ْ
فالربُّ لن يرضى لسوريا الهوانْ !.
© 2024 - موقع الشعر