سَبِِّدةُ البَحْر

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

سَبِِّدةُ البَحْر - محمد الزهراوي

سَيِّدةُ البَحر
إلى بيروت المَلِكة..
تنهَضُ مِن رَماد حريقِها
 
كانَت
وَحيدَةَ البَحرِ
زَهرتَه المائِيّةَ..
أوَزّتهُ البيْضاءَ.
تغْرقُ في مِياههِ
وَلا تبْتلّ ..
تحْنو عَلى النّوارِسِ
الّتي ميزَتُها حُبّ.
حتّى إذا زارَها
طائِرُ الرُّعْبِ وَليْلٌ
طائِفيّ ..
كسَرتْ مَراياها
وَأوانِيَ الشّايِ..
فٍَباعَتْ خيْمَتَها
لِلرِّياحِ ..
مَشَتْ تُواجِهُ
مَصيراً صَعْباً..
وَلمْ تأخُذْ مِنْ أشْياءِ
زينَتِها غيْرَ أُغنِيةْ :
البواباتُ أنا
وَكُلُّ البِحارِ..
كلُّ الْمَمَرّاتِ تعْبُرني
تَمُرُّ بي كلُّ
السُّفُنِ إنْ
ساءَ الطقْسُ وَاخْتفَتْ
نَجْمَةُ السّاحلِ.
كُلّ النّوارِس مَرْفؤُها
عيْنايَ إذا ما
عَضّها الْجوعُ
وَغالَبَها الْبَرْدُ..
أوِ اجْتاحَها إلى
الدِّفْءِ حَنين.
هُنا تَجِدُ الضّوْءَ في
باحَة قلْبي وَلمّا
يَهْدَإ البَحرُ تحْتَ
سَماءِ ليْلٍ طويل.
هُنا تكْتبُ رَسائِلَها
ويأتيها البَريدُ مِن
وَطَنِ الأصْدِقاءِ وَالأهْل.
هنا تتَبادَلُ العِتابَ..
وَتنْسى خِذْلانَ
العَشيرةِ والتَّعَب ..
وَالذينَ طارَدوها
في الْمَحَطّاتِ..
أغْلَقوا دونَها شُقوقَ
الأحْلامِ كَسَروا في
وَجْهِها الْمَرايا..
وَأحْرقوا ظِلالَ أشْجارٍ
كانتْ تَأْلَفُها.
لَمْ يتركوا غيْرَ صَليبٍ
يمْشي بِلا ظِلٍّ..
بِلا جُثةٍ عَلى
قارِعَةِ النارِ..
إلى قَبائِلَ تختَنِقُ
في ليْلٍ عَرَبِيّ!
رَأيْتُها عِنْدَ جِدارِ
الموْتِ سَيِّدةً شاحِبَة.
لا يَكُفُّ عنْها
النّزيفُ تُمْسِكُ زَهْرَةَ
عبّادِ الشّمْس.
وَلَمْ أيْأسْ لا
بُدَّ أنْ تَأتِيَ يَوْماً
فَتَعودُ كما..
كانَت مُبْتهِجَة.
وَأدْعوها لِلشّاي..
فتَقْرَأُ أشْعارَ مِحْنَتِها
في ليْلِ الطّوائِفِ
وَالطّبَقاتِ..
وَغِرْبانِ النّفْطِ علَيّ.
وَنَنْأى في السّكونِ
يَعودُ لَها الوَرْدُ
وَأقْمارُها القَتيلَة.
تَعود لَها الأغاني..
عَلى أنْ يَكونَ الْهَوى
اليَوْمَ إليّ ؟!
© 2024 - موقع الشعر