صَنَم

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

صَنَم - محمد الزهراوي

صَنَم
 
كأيِّ
نبْعٍ في..
غُرْبَتِهِ الصّوفِيّةِ
أنا مولَعٌ
بِهذا الصّنَم .
أُطْعِمُه جوعَ الحُبِّ
وَتفْضَحُني القَصيدَة.
فأيْن يرْحَلُ أوْ..
يَفِرُّ مِنّي أيُّها
الْعادِيّاتُ إذْ..
يَليقُ بِالْياقوتِ
بالْحريرِ وَعُرْيِ
الوَرْدَةِ وَما
انْفَكّ يُغْريها
بِوَطَنِ العراءِ..
بِخَمْرَةِ الرّفْضِ
والوَجَعِ المُرّ .
هُوَ بِلا زادٍ..
يَسيُر يَتأبّطُ خُبْزَ
الرّحيلِ رُبّما إلى
قِبابِ الوَجْدِ البَعيدَة .
مَنْ يَرْغَبُ فِي
رُؤْيَةِ الْمشْهَدِ ..
يُريدُ أنْ يَكونَ
ضَيْفاً عَلى البَحْرِ
وَمَنْجَمِ الذّهَبِ؟
إنّهُ الْجَمالُ
الرّحْبُ يهْرُبُ
مزْهُوّاً بِوَقارِهِ
الْمُتَهتِّكِ ..
بيْنَ الْجَوارِحِ
الْمُتَوَحِّشَةِ والسّيول.
وَيَتَفَحّشُ في
ضحْكَتِهِ الكَوْنِيةِ..
رغْم قَوامِه السَّقيمِ.
ياما رَوانا ..
نَدىً وخَمْر .
وَكَدِفْءٍ يُذَوِّبُ
الثّلْجَ صارَ يَلْعقُ
كُلّ أشْيائِها حتّى
غاصَ فِي الْعُمْقِ.
ونالَ الْكَثيرَ مِنَ
جيدِها وَرِدْفِها
كأميرٍ قرْطُبِيّ ..
على الْحُرِّيّةِ
وَ الرِّياحِ وَأعالِي
الْبِحارِ بِضَراوَةِ
فِكْرِهِ الزّاخِر بِالأضْواءِ
وَصَهيلِ الْجِيادِ .
وإنْ تَمّ لكَ..
هذا أيُّها الحَجَرُ
الْمقْروحُ الرّوحِ
وَرَأيْتَ ما يَفْعَلُ
بِحَجَلِها وَحَيائِها
الْمَليكِ كصُعْلوكٍ
سَوْفَ تُشْفى..
ويَزولُ عَنْكَ
ضَمَأُكَ الأخّاذُ
الّذي لا أحَدَ
يَراهُ إلاّ لِحِكْمَةٍ
أوْ ضَرورَةٍ قُصْوى.
فَهُوَ الّذي يُعَذِّبُ
أوْ ما يُخَلِّصُ
مِنْ كُلِّ الآلامِ.
إنّهُ جاهِزٌ أبَداً..
لِلْحَصادِ وَالشّبَقِ
الْموْسِمِيّ وَيُطالِعُكَ
كنَهارٍ فَخْم..
كَهُمومِ المُتنَبِّئِ أوْ
كَما جُرْحِ المَسيحِ.
إنّهُ سِدْرَتي ..
مغ العذارى !
إلَيْهِ دَعاني الهَوى
وَأنا مِنْ
كَمالِهِ أتعَذّبُ .
وَإنْ يَهْجُر ..
أوْ يهْرُب مِنّي
فلَنْ أعْبُدَ ما
عداهُ إلى آخِرِ
الشّوْطِ أوْ ..
نِهايَةِ المسير.
وَحتّى يَموتَ
حُزْنِيَ الْمُقيمُ .
لِلْغاوينَ أكْتُبُ
هذا القَصيدَ.
وَذلكَ لِأنّ
الجَمالَ ياسادَتي
مَليكُنا المَجْنونُ.
وَلَوْلا هُوَ..
أنا ما عَشِقْتُ
حورَ الْعُيونِ وَلا
الْبيضَ الْحِسانَ.
آهٍ مِنْ قسْوَتِهِ
فَهُوَ مَكانُ
الْبُعْدِ والتّعَبُّدِ..
وَهُو صَديقي أنا.
يَشّدُّنا مَعاً عَلى
طَريقِ الفَجْرِ ..
حَتّى الوُصولِ إلى
الْعُيونِ المُؤْنِساتِ.
إلى التُّفّاحٍ الأحْمَرِ
في فِجاجِ الْمُنى..
وَأحْلامِ المُتنَبّي!
© 2024 - موقع الشعر