بغْدادُ امْرَأةُ الكبائِر

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

بغْدادُ امْرَأةُ الكبائِر - محمد الزهراوي

بغْدادُ ..
امْرَأةُ الكبائِر
 
لَوْ لاها ما..
خَفقَ العِشْقُ.
هِيَ جِدارِيّةُ
الصُّبْحِ مُكلّلة
الجَبينِ البَهِيّ.
ترْتَسِمُ ظِلاًّ..
تَرْتَقُ جُرْحاً يَكْبُرُ
وَتَصْهلُ
في الّرّيحِ.
لها تَسْريحَةُ
بَحْرٍ تَموجُ بينَ
العِبارَةِ وَالعَبيرِ.
مِنْها الأبْيَضُ
يَمْتَدُّ تَنُزُّ نَبيذاً.
الْهَمُّ الجارِحُ..
يَأكُلُ ثَدْيَيْها !
غجَرِيّةُ الأضْدادِ
وَالرّغَباتِ..
الْبَحْرُ
هِيَ وَالدّهْر.
بِسَوالِفِها
تُطَوِّقُ عُمْري..
امْرَأةٌ وَحيدَة !
بغْدادُ غيرُ دَمٍ
مُتْرِبٍ أوْ ..
قواريرُ طينٍ.
بِرِياحي..
أحْرُثُها ياسَميناً
وَجْهُها في كُلِّ
الصُّوَرِ مِلْءُ عيْنَيَّ
كُلُّ النِّساءِ
مودَعاتٌ في
بَسَماتِها البَعيدَة.
كُلُّ صِفاتِ
الخَيْلِ فيها..
ما أكْثَرَ ما أغاضَ
كُحْلُها حُسّاداً
وأوْدَتْ بِعُشّاقٍ !
في بَراري الحُلْمِ..
أفْسَدوا الْموَدّةَ بيْنَها
وَبيْني حتّى جَفتْني
الغَجَرِيّةُ وَطَوّحَتْ
بي جِراحُها
في غِناءٍ !
تَرْعى الوُعولَ..
تُكَفْكِفُ
دمْعَتيْنِ في خَنْدقٍ
وَسِوى الرّومِ لا
يَزالُ يَتَرَبّصُ
بِاغْتِصابِها الرّومُ.
توغِلُ في شُجوني..
وَما زِلْتُ بَعيداً.
ها نَهاراتُها تُشاكِسُ
يَأْسي وَوُرودُها
تُقاوِمُ الذّبولَ في
شَكْلِ القَصيدَةِ.
أغيبُ أسْتَقْصي..
مُنْعَزِلاً صَواعِقَها
في البحْر.
في مَراسِيمِ ذَبْحِها
تَحَسّسْتُ نبْضي
وَهاطِلاً ..
خلْخالُها اليَعْرُبِيُّ
في الظُّلوعِ.
لَمْ أنَمْ بَعْدُ..
إذْ لَمْ تفْهَمِ
النّيرانُ غاياتي
وَلمْ تُفارِقْ دَمي.
أرْسُمُها سابِحَةً
كَما أشْتَهي..
في بَياضٍ
وَسَماءٍ خَضْراءَ.
كَمْ وَكمْ أنا..
هَرِمٌ أمامَها في
انْتِظارِ الصُّبْح.
فَلْيأْتِ الصّقيعُ..
قُرْبَ شَهْرَزاد أنا
لا أشْعُرُ بِالْبَرْدِ.
وَحْدي أزْحَفُ..
أتعَبَتْني الْحُفَرُ أُطارِدُ
ظمْآنَ ضراوَةَ
عُرْيِها الْمَخْمورِ.
أتَبَعْثَرُ على حَصاها
معَ َ وَجَعي !
يُزَلْزِلُني النّهْدُ..
مِنْ مَناحاتِها تُلَوِّحُ
لِيَ نَجْمَةُ اللّيالي..
بِرِياحي أحْرُثُها
تَسْتَعِرُ..
أعْراسُ غَدِها
في جَوانِحي.
وَكُلُّ أحْلامِها
وَدِمائي تُهْدَرُ
في رِياحٍ ؟!
لمْ يُفْنِها الجَرادُ
وَلنْ تتْرُكَ الخَنْدَقَ..
فما أكْثَرَ ما أغْوَتْ
بِلَياليها الْمُلوكَ !
وَبِمِلاحِها أثارَتِ
السِّنْدِبادَ وَالْجُنْد.
تُناديكُمْ..
وَالسّعفُ يَحْتَدِمُ
لِفَك طَوْقِ الحِصار.
لَها في المَسافاتِ
الوَهَجُ البِكْر.
كُلُّ الكُؤوسِ
أرَقْتُها مِنْ أجْلِ
فِتْنَةِ هذه الأنْثى !
وَ(ما وجْدُ ثَكْلى
مِثْل وجْدي..)
واقِعٌ أنا تحْتَ رَحى
حُزْنِها الثّقيلَةِ !
هِيَ أحِبّائي وَسُماّري
يَداها أصْباحٌ ماطِرَةٌ
توجِزُ شُموساً في
عتْمَةِ الليْل..
هاهُمْ أوْلاءِ يَحْرَقونَ
بابِلَ أرْضَ حُبِّنا..
وَقَمَرَ النّخْلاتِ.
ماذا يُريدونَ مِن
امْرأةٍ تَحْلُمُ بالبَحر! ؟
شاخَتْ عَلى
مُحَيّاها النُّدوبُ.
يَعُدّونَ خَطاياها
وَهِيَ القَتيلَةُ.
هذه امْرَأةُ
كُلِّ الكَبائِرِ..
سيِّدَةُ البَوْحِ حينَ
مَعي تُصَلِّي ! ؟
تسْتَغيثُ امْرَأتي..
الجُدْرانُ علَيْها
انْهارَتْ في
لَيالٍ عُسْر.
وَلا مَن يُلَبّي؟!
يَوْماً ما أضَعُ
حَدّاً لِحَيائِها وأُشْعِلُ
الأرْضَ خلْفَ
حَقْوِها النّهارِيِّ
وَقَوامِها الْمَمْشوقِ
بِمِياهِيَ وَحَرائِقي
عَلى دينِ العِشْقِ..
كَمَشْهَدِ وَداعٍ.
© 2024 - موقع الشعر