لقاء مع فلسطين - ماجد الراوي

هلالُ المحاسنِ منها أهَلْ
وفيها لسانُ الجمالِ ابتهلْ

وقد بارك اللهُ في أرضها
فأصبح يُضْربُ فيها المَثَلْ

وحلَّ عليها ضياءُ السماء
فَعَمّ السهولَ وغطّى الجبلْ

وكم من مقام نبيٍّ كريم
بها أو ضريحِ هُمامٍ بَطّلْ

هي الدارُ دارُ العُلا والإباء
بناها حُماةُ الحمى بالأسَلْ

تهيمُ النفوسُ بها والفؤاد
توضَّأ في مائها واغتسلْ

على تُربِ أرضك كم من نبيٍّ
رسولُ السماءِ عليهِ نَزَلْ

وأقصاكِ منبعُ نورٍ عظيم
به القلبُ عند الخطوبِ استظلْ

وقد مرَّ فيه الرسولُ الكريم
ومنه لدربِ السماءِ انتقلْ

فيالكَ من مسجدٍ طاهرٍ
ستُشرقُ منه شموسُ الأمل

فلسطينُ ياقِبلة العاشقين
مكحّلةٌ عينُها بالقُبَلْ

تطلينَ في كلّ صُبحٍ عروسا
تباهي الشموسَ بزاهي الحُلَلْ

جلسْتِ على البحر حُوريّةً
إلى الأُفقِ تنظرُ منذُ الأزلْ

تناغي مُحيّا الصباحِ الجميل
وتدفعُ عنها الكرى والكَسَلْ

ويُقبِلُ نحوكِ موجُ الخِضَمِّ
يبُثُّ إليكِ حديثَ الغَزَلْ

وتأتيكِ فوق الرياحِ الغيوم
تجرُّ العباءاتِ فوق القُلَلْ

ويلتمعُ البرقُ فيها سيوفاً
إذا قَدَحَتْ ثار منها زَجَلْ

فلسطينُ كان لقاؤكِ حُلْما
تحَقّقَ لكنّهُ مااكتملْ

وقفتُ على البحرِ أرنو إليكِ
وقوفَ مَشوقٍ يباكي الطلَلْ

أراكِ ولكنَّ قلبي المُعَنَّى
تشَظَّى لفرْطِ هواهُ شُعَلْ

فكنتُ كعاشقِ ليلى بقفْرٍ
يناديكِ حتّى طواهُ الأَجَلْ

فياطيفَها في الفضاء البعيد
لعلّكَ تُدركُ حُبّي لَعَلْ

تمنّيتُ لو كنتُ نجما صغيرا
رآكِ من الأُفْق لمّا أفَلْ

تمنيتُ نفسي نسيما رقيقا
يمرُّ عليكِ يجوب الحِلَلْ

وياليتني كنتُ فيكِ فَراشا
ونَحْْلاً يُلملمُ منكِ العَسَلْ

فلو أنَّ ركْبي مشى ساعة
لكان إلى القُدْسِ حَقّاً وَصَلْ

فؤادي تعلَّقَ تحت سماها
كبدْرٍ عليها مساءً أطَلْ

أيا دارةَ الماجدينَ الأباة
وسِفْرَ المعالي ورَبْعَ الأُوَلْ

أتيتُكِ أسألُ عنكِ البلاد
وكم عاشقٍ عن حبيبٍ سَأَلْ

تَعَثَرَ دونكِ حقّا بياني
فليس تُعَبّرُ عني الجُمَلْ

مناسبة القصيدة

من ديوان شموس القوافي خلال زيارتي للمملكة الأردنية الهاشمية وبينما كنا متجهين إلى البحر الميت كانت تلوح وراء البحر الأراضي الفلسطينية العزيزة حيث هضاب مدينة الخليل كذلك لم تكن القدس تبعد إلا قليلا عن مكان وقوفنا فهاجت مشاعري فترجمتها بهذه القصيدة
© 2024 - موقع الشعر