شكوى إلى المصطفى - محمود مهيدات

يا عاذلينَ هَل الغرامُ حَرامُ؟
وهَل المتيَّمُ مُذنِبٌ فيُلامُ؟

يا عاذلينَ لَقدْ أصبتمْ مَقتلاً
منِّي، فهذا خافقي وسِهامُ

غَمَرَتْ قلوبَ العاشقينَ سعادةٌ
وكوى قلوبَ المُدنفينَ ضِرامُ

وتأجَّجتْ في القلبِ نارُ مَحبَّةٍ
وشفا العليلَ صبابةٌ وهِيامُ

فالحبُّ في شرعِ الحكيمِ منزَّهٌ
حبُّ الحبيبِ عبادةٌ ولِزامُ

حُبُّ الحبيبِ أنارَ قلبيَ كلَّهُ
وشفا الفؤادَ، فما به أوغامُ

يا سيدي يا خيرَ مَنْ وطئ الثرى
أنتَ النبيُّ ودينُكَ الإسلامُ

يا سيدي ... يا سيدي ... يا سيدي
منِّي إليكَ تحيةٌ وسَلامُ

تسمو بكَ الأخلاقُ يا عَلَمَ التقى
تزهو بك الأيامُ والأعوامُ

وجبينُكَ الوضَّاءُ بدرٌ طالعٌ
والثغرُ منكَ الأبلجُ البسَّامُ

أما حياتُكَ فالجهادُ قِوامُهَا
وتعبدٌ وتهجدٌ وصِيامُ

زكَّاكَ ربُّكَ في الكتابِ وآيهِ
خُلُقٌ عظيمٌ أكَّدته الَّلامُ

صلَّى عليكَ اللهُ ما هبَّتْ على
جَنَبَاتِ مكَّةَ والدُّنى أنسامُ

صلَّى عليكَ اللهُ ما هَتفتْ على
أفنانِ طَيْبَةَ بُلبُلٌ وحَمَامُ

صلَّى عليكَ اللهُ ما طلَعَتْ على
هذا الوجودِ الشمسُ والأجرامُ

صلَّى عليكَ اللهُ ما صَدَحَتْ ضُحًى
أسرابُ أطيارٍ ونَاحَ يَمَامُ

شَرُفَ الوجودُ بِبَزْغِ نَجْمِ مُحمَّدٍ
وسَمَتْ بهِ الأخوالُ والأعمامُ

حُبُّ الرسولِ مِن القلوبِ نِياطُهَا
ومن الشريعةِ ذروةٌ وسَنامُ

هوَ للقلوبِ دواؤها وشفاؤها
هوَ للضَّليلِ هدايةٌ ومقامُ

هو للعيونِ جلاؤها وصفاؤها
هو للوجودِ محبَّةٌ ووِئامُ

هو للسقيمِ عنايةٌ ورعايةٌ
هو للغريقِ سلامةٌ وسلامُ

ورعاه ربُّ العالمين بعينِهِ
مَلَكُ السماءِ تظلُّهُ وغمامُ

هَدْيُ النبيِّ منارةٌ وضَّاءةٌ
شَرُفتْ به الأعراقُ والأقوامُ

وشريعةُ المختارِ نورٌ يُقتَدَى
يُمحى به الإظلامُ والأوهامُ

صَنَعَ النبيُّ من الأعاربِ أمَّةً
خفقتْ بها الأمجادُ والأعلامُ

دانتْ لها الأمصارُ وانفتحتْ لها
كلُّ الممالكِ وانجلى الإظلامُ

بُعثتْ إلى الدنيا نجومُ هدايةٍ
ومن الهواشمِ سادةٌ وعِظامُ

ذا جعفرُ الطيَّارِ هذا حمزةٌ
أسدُ الحروبِ وفارسٌ مِقدامُ

وعليُّ بابُ العلْمِ سيفٌ قاطعٌ
ليثٌ هصورٌ قائدٌ وإمامُ

سَطَعَتْ شموسُ العُرْب ِ في كلِّ الدُّنى
والعِلْمُ منها مَشربٌ وطعامُ

وتخرَّجَ الأبطالُ مِنْ ميدانهِ
قادوا الفيالقَ والجيوشُ عُرامُ

قادوا الجيوشَ بواسلاً وأماجداً
شهدَ العراقُ بفعلِهمْ والشامُ

خضعتْ لهم أملاكُ فارسَ كلُّها
وتحطمتْ في مكةَ الأصنامُ

وتزعزعَ الرومانُ خَلْفَ حُصُونِهِمْ
والأسرُ صارَ مصيرَهُمْ والسَّامُ

فأبو عبيدةَ للجيوشِ منظِّمٌ
عمروٌ صقيلٌ مُصْلَتٌ وحسامُ

ذا خالدُ المسلولُ سيفٌ صارمٌ
حامي الحمى وغضنفرٌ ضِرغامُ

يا سيدي هذا زمانٌ عُطِّلتْ
فيه الشرائعُ، والكرامُ تُضامُ

يا سيدي هذا زمانٌ تُوِّجتْ
فيه الرذائلُ، والخطوبُ جسامُ

يا سيدي هذا زمانُ عجائب
عصفتْ به الأوزارُ والآثامُ

هُجَِْرت به آيُ الكتابِ وسُنَةٌ
وتجبَّرتْ وتطاولَتْ أقزامُ

أضحى التدينُ تهمةً وجريمةً
وطغى بدارِ المسلمين لئامُ

عمَّ الفسادُ فصار عُرفاً سائداً
أما الصلاحُ فَسُبَّةٌ وشِتامُ

حَكَمَتْ بلادَ العُرْبِ أوهنُ زُمْرَةٍ
وغشا البلادَ عداوةٌ وحِدامُ

وتشتتٌ ... وتفرُّقٌ ... وتشرذمٌ
وتنازعٌ وتحاربٌ وخِصامُ

والمسلمون اليومَ أهونُ أمةٍ
ماضٍ بها التقتيلُ والإعدامُ

يا سيدي هذي همومُ أبثُّها
فالجسمُ منها قد براه سَقامُ

عَصَفَتْ بأمتنا خُطوبٌ جَمَّةٌ
نُقِضَتْ لوطأتها عُرًى وذِمامُ

دَخَلَتْ جُحورَ الشرْكِ تطلبُ نَجْوَةً
فُرِضَتْ علينا ذلَّةٌ وقَتَامُ

واستأسدَ الكفَّارُ ليس لقلةٍ
فينا، ولكن فرقة وطَغامُ

ونَذِلُّ للغربيِّ ذلاً شائناً
والكلُّ منَّا ناكصٌ مِحْجامُ

أما اليهودُ فأصبحوا أسيادَنا
نسعى لهُمْ ذلاً إذا ما قاموا

ويخونُ بعضٌ بعضَنا بخساسةٍ
ونؤبِّنُ المغدورَ وهْوَ رُتامُ

ونعدُّ للجلادِ ضربَ سياطِهِ
ويُدكُّ بنيانٌ لنا وخيامُ

ونجمِّعُ الشهداءَ أشلاءً غَدتْ
أجسادُهم، أما البيوتُ رُكامُ

وترى جُموعَ الثاكلاتِ يُثيرها
نزفُ القلوبِ وأعينٌ مِسجَامُ

والقلبُ يُدمى والجراحُ بليغةٌ
والدمعُ يَهمي والكَيانُ حُطامُ

فتحولَّتْ أيامُ أمتِنا أسًى
فالليلُ بؤسٌ والنهارُ سُحَامُ

وعَلَتْ رؤوسَ المجرمينَ وضاعةٌ
وعلا وجوهَ الخائنين سُخامُ

والعالمُ العربيُّ باتَ يسوسُهُ
متجبِّرٌ أو ظالمٌ غشَّامُ

غَمََر البلادَ تخاذلٌ وهزائمٌ
وغشا الشعوبَ تخلُّفٌ وفُصامُ

وفشا الهوانُ بجسمِ أمتنا كما
يسطو على الجسمِ السليمِ جُذامُ

حالُ العراقِ تعاسةٌ وكآبةٌ
فقنابلٌ والقتلُ والألغامُ

والقدسُ، حالُ القدسِ ليس بطيِّبٍ
وكذا فلسطينُ الخرابَ تُسامُ

وقطاعُ غزةَ مُستباحٌ عُنوةً
في كلِّ حينٍ غارةٌ وزؤامُ

فمتى نفيقُ لنفتدي أوطاننا
ونعيدُ مجداً فالجهادُ يُرامُ

ومتى تهبُّ من المهاجعِ أمةٌ
فيزولُ زيفٌ أو يماطُ لثامُ

ويقودُ أمتنا شجاعٌ باسلٌ
سيفٌ صقيلٌ قاطعٌ مِهذامُ

للخير سبَّاقٌ إمامٌ عادلٌ
في الحربِ ليثٌ مُقدِمٌ هجَّامُ

أسدُ الوغى لا يستكينُ لطامعٍ
ومجاهدٌ ومحاربٌ مِقحامُ

ولهُ رجالٌ لا تلينُ قناتُهُمْ
دارُ الأسُودِ معاقلٌ آطامُ

فالله يأمرُ بالجهادِ فجهِّزوا
للحربِ عُدَّتَهَا وليسَ تنامُوا

فالحربُ تخدِمُها السيوفُ صقيلةٌ
والعِلمُ خادمةٌ لهُ الأقلامُ

واسترجعوا القدسَ الشريفَ وأهلَهُ
فالحالُ رزءٌ والخطوبُ ضِخامُ

قوموا انصروا شعباً بغزة صامداً
ضحَّى النفيسَ شعارُه الإقدامُ

خطَبوا الكرامةَ والنجيعُ صَداقُها
شرفُ الشهادةِ والدماءُ وسَامُ

لا تتبعوا ( قُرْقاعَ) أمريكا عمًى
لا أنتمُ بقرٌ ولا أغنامُ

وتوحَّدوا ... وتعاونوا ... وتآزروا
لا الصلحُ ينفعُكمْ ولا استسلامُ

© 2024 - موقع الشعر