صُدفَـــةٌ لَنْ تَكُـــون - هلال الفارع

تَأَخَّرْتِ...
 
مَنْ كَانَ يَدْري،
 
بِأَنَّكِ سوفَ تَجِيئِينَ في لَحظَةٍ مُسْتَقِيلَهْ
 
وَأَنَّكِ – في صُدْفَةٍ لَنْ تَكونَ –
 
سَتُحْيينَ كُلَّ شُجُوني القَتِيلَهْ؟!!
 
تَأَخَّرْتِ...
 
كانَ عَلَيْكِ – إِذا شِئْتِ –
 
أَنْ تَتَعَدَّيْ حُدودَ الطُّفُولَهْ
 
وما كَانَ ذلكَ بالمُسْتَحِيلِ،
 
فَكُلُّ الْمَسافَةِ كانَتْ سِنِينَ قَلِيلَهْ
 
وَكُلُّ الحِكايَةِ كانتْ:
 
قَلِيلاً مِنَ الْكُحْلِ و" الرُّوجِ "،
 
فَكَّ الضَّفِيرَةِ،
 
كَيْ تَتَدَلَّى على لَوْحَةِ الصَّدْرِ
 
أَحْلى جَدِيلَهْ!!
 
تَأَخَّرْتِ جِدًّا...
 
وَكُلُّ الْحِكَايَةِ كانَتْ:
 
قَلِيلاً مِنَ التَّبْغِ واللَّثْغِ،
 
بَعْضَ التَّكَسُّرِ في المفْرَداتِ الكَسُولَهْ
 
وَبَعْضَ الشَّقَاوَةِ،
 
كَيْ تُسْتَفَزَّ أُنُوثَتُكِ الْمُسْتَحِيلَهْ!!
 
***
 
رَسَمْتُكِ فَوْقَ جِدَارِ صِبَايَ،
 
عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ عُيُونِ الْقَبِيلَهْ
 
وَشِلْتُكِ في خَافِقِي،
 
وَاخْتَرَعْتُ جَمِيعَ شُؤُونِكِ وَفْقَ اشْتِهَائِي،
 
وَوَفْقَ عَذابَاتِ رُوحي الْجَمِيلَهْ
 
وَقَطَّرْتُ طَيْفَكِ شَيْئًا فَشَيْئًا،
 
كَما اسْتَمْطَرَتْهُ أَصَابِعُ كَفِّي النَّحِيلَهْ
 
وَأَبْدَعْتُ رَسْمَكِ.. أَبْدَعْتُ رَسْمَكِ
 
حَتَّى كَأَنِّي بِهِ،
 
كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَبْدَعَ الْهَنْدَسَهْ
 
وَلَوَّنْتُ عَيْنَيْكِ بِالْمائِجِ الْمُتَهادِي،
 
وَأَجْرَيْتُها في مَنَامِي،
 
عَلَى حُلُمٍ نَزَّ مِنْ سُنْدُسَهْ!
 
زَرَعْتُكِ في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنْ فُصُولِ الشِّتاءِ الطَّوِيلَهْ
 
وَفي كُلِّ نَسْمَةِ حُبٍّ عَلِيلَهْ
 
وَفي كُتُبِ الْمَدْرَسَهْ
 
وَكُنْتُ إِذا قُرِعَ الْجَرَسُ الْمُسْتَحِيلُ،
 
وَطارَ التَّلامِيذُ لِلدَّرْسِ،
 
كُنْتُ أَفِِرُّ إِلَى صُورَةٍ في كِتَابِي،
 
إِلَى آيَةٍ نَزَفَتْ مِنْ ثَنايا عَذَابِي،
 
وَسَمَّيْتُها آنِسَهْ
 
أُقَلِّبُها كَيفَ شَاءَتْ يَدِي الْبَائِسَهْ
 
وَأَرْقُبُ فيها تَوَهُّجَ رُوحِي،
 
وَبَرْقَ شَبَابِي
 
وَفِي كُلِّ يَومٍ،
 
أُوَشِّي مَلامِحَها الْمُعْجِزاتِ،
 
بِلَهْفَةِ قَلْبِي، وَصَمْتِ اضْطِرَابِي
 
أُلَوِّنُها مِنْ دِمَائِي
 
وَحِينَ انْتَهَيْتُ،
 
خَرَجْتُ أُفَتِّشُ عَنْ صُورَةٍ،
 
كُنْتُ أَقْرَأُ فيها قَصِيدَ رِثائِي
 
وَفَتَّشْتُ عَنْكِ جُيُوبَ النُّجُومِ،
 
وَعُبَّ السَّمَاءِ
 
وَكُلَّ عُيُونِ النِّسَاءِ
 
وَفَتَّشْتُ حَتَّى مَلَفَّ الْقَضاءِ!!
 
فَأَيْنَ تَوارَيْتِ لَمَّا دَنَتْ سَاعَةُ الصِّفْرِ،
 
وانْطَفَأَتْ في الدُّروبِ خُطَايَ،
 
وَبُحَّ غِنَائِي؟!
 
لِمَاذا وَقَفْتِ عَلَى عَتَبَاتِ الطُّفُولَةِ،
 
حينَ لَجَمْتُ الزَّمانَ،
 
إِلَى أَنْ تَهَاوَتْ يَدَايَ،
 
وَأَسْلَمْتُ لِلزَّمَنِ الْجَامِحِ حَبْلَ قِيَادِي
 
وَأَطْلَقْتُ في الأُفُقِ الصَّعْبِ كُلَّ جِيَادِي
 
إِلَى أَنْ تَيَقَّنْتُ مِنْ عَبَثِ الحُلْمِ والشِّعْرِ،
 
تُدْمِي قَوافِيهِ خَفْقَ فُؤَادِي؟!
 
لِماذا تَوَارَيْتِ حِينَ تَنَاهَى يَرَاعِي إِلَيْكَ،
 
وَشَبَّ مِدَادِي؟!
 
وَهَا أَنْتِ تَأْتِينَ في صُدْفَةٍ لَنْ تَكُونَ،
 
فَتُدْنِينَ مَسَّ سُهَادِي
 
وَجُوعَ السَّهَرْ
 
وَتُحْيِينَ مَا جَفَّ مِنْ حُلُمٍ وَانْدَثَرْ!
 
تَأَخَّرْتِ..
 
كَانَ عَلَيْكِ – إِذا شِئْتِ –
 
أَنْ تَمْهَرِي بِالْتِماعَةِ عَيْنَيْكِ وَجْهَ الْمَرَايَا،
 
وَصَمْتَ الصُّوَرْ
 
وَأَنْ تَتَعَرَّيْ أَمامَ الْمِدادِ، وَتَحْتَ الْمَطَرْ!
 
تَأَخَّرْتِ جِدًّا...
 
فَهَا أَنا لَيْسَ يُطَاوِعُنِي سَاعِدِي،
 
بَعْدَمَا أَرْهَقَتْهُ المَسَافَةُ
 
ما بَيْنَ خَصْرِكِ فِي غِيِّهِ.. وَالْحَذَرْ
 
وَهَا أنَا مُنْذُ اشْتِعَالِكِ
 
– في صُدْفَةٍ لَنْ تَكُونَ –
 
اُلَوِّحُ لِلذِّكْرَياتِ الْقَتُولَهْ
 
وَهَا أَنَا صَمْتِي يُراوِدُ صَوْتِي،
 
وَيُذْكِي بِروحِي سَعِيرًا
 
مِنَ الآهَةِ الْمُشْتَهَاةِ الثَّقِيلَهْ
 
وَهَا هُوَ حَسْنُكِ يَدْرُجُ في خَاطِري كَالْحَمامِ... وَيَمْضِي،
 
... وَأَبْقَى أُطارِحُ قَلْبِي الذَبِيحَ هَدِيْلَهْ!!!
© 2024 - موقع الشعر