لن أحلف بالله كاذباً! (وعظه القاضي) - أحمد علي سليمان

أنكرتُ أخذي الذي أعطيتَ إنكارا
وكم - على سلبه - أصررتُ إصرارا

وكم تماديتُ - في التدليس - دون حيا
وكنتُ - في الغِش والتزوير – دَيّارا

وعشتُ أخدعُ مَن حولي بلا وَجَل
وكم نسجتُ عن الأخلاق أخبارا

ومَلني الناسُ ، لمّا عاينوا كذِبي
ولم أجد بينهم - في البأس - أنصارا

تفرّقوا عن كذوب ليس يَصْدُقهم
يوماً ، وما التمسوا - للوَبْش - أعذارا

وفاصلوه بلا إذن ولا أسفٍ
وعنه ذاعوا أحاديثاً وأسرارا

وزايلوه ، وجدّوا في مُقاطعةٍ
تستوجبُ الخِزي والتجريحَ والعارا

فقلتُ: أحيا بلا خِل يُسامرُني
فعشتُ مُفتقداً أهلاً وسُمّارا

ما العيشُ إن مَلّتِ الإنسانَ صُحبته
فبات يشكو النوى والخلقَ والدارا؟

ما العيشُ إن جثمتْ في القلب غفلته
فأشهرَ الزيفَ - بين الناس - إشهارا؟

ما العيشُ إن غلّبتْ نفسي هواجسَها
فأسدلتْ - فوق ما تأتيه - أستارا؟

ما العيشُ إن شقيتْ روحي بصاحبها؟
فكم أتى بِدَعاً تُزرِي وأوزارا

كم انجذبتُ - إلى التلفيق - أحسَبُه
يوماً سيدفعُ أرزاءً وأخَطارا

كم اخترعتُ أباطيلاً مُزخرفة
وأظهرَ الحق ما زخرفتُ إظهارا

وكم فضحتُ - بما نمّقتُ - مِن شُبَه
حتى استسغتُ الخنا والخِزيَ والعارا

واليومَ يُطلبُ مني - في الملا - قسَمٌ
بالله ، مِن بعد أن أنذِرتُ إنذارا

لقد سمعتُ - بأذن القلب - مَوعظة
منها الدموعُ غدت تنسابُ أنهارا

والناسُ حولي بكَوْا مِن فرط لهجتها
وأكْبرَ الكلُ هذا الحثَ إكبارا

والجو صمتٌ سوى أناتِ مَن وَعظوا
فكيف أنكرُ ما أعطِيتُ إنكارا؟

أقول: واللهِ دعوى الخصم صادقة
أقولُ ذلك كيلا أدخل النارا

إن شاء عاقبَ ، والبرهانُ يَخدمُه
أو شاء سامحَ إحساناً وإيثارا

© 2024 - موقع الشعر