الصيد الأعمى

لـ وائل العبابسة، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

الصيد الأعمى - وائل العبابسة

بسطَ البحرُ على شطآنِ الوجدِ يديهْ
ينتظرُ الحُلْْمَ المجهولْ
كم ليلٍ مسعورٍ أضناه !
كم دمعةِ جمرٍ رشقتْ عيناه !
كم صرخة موجٍ قفزت عاريةً من دنياه !
أمعاءُ البحرِ تئنُّ كبركانٍ مخنوقْ
تتنفس أوجاعا
والناسُ على الساحلِ مشغولونَ بخبزٍ وزواجٍ ووفاهْ
والقريةُ كجبالِ الصمتِ تنامْ
 

 
الصيادُ هناكْ ...
فوقَ صخورِ الحبِّ يجوبْ
يشربُ شايَ البحرِ... ليمالحهُ
والشيبِ يُدندنُ هوساً في أوتارِ هواهْ
الصيادُ هناكْ ...
ألقى قبلَ فرارِ الشمسِ الشبكهْ
- هيّا يا فاتنتي السمكهْ .
يا كُحلاً سيَّجَ عينيها
يا تاجاً من نهرِ السِّحرِ عليها
يا تقليعةَ شوقٍ كسناها الذهبيّ ...
هيا فظلامُ الصمتِ يعودْ
والناسُ هناكَ كأصحابِ الكهفِ نيامْ
 

 
ارتجّتْ يدُهُ الصوّانيةُ لمّا عصتِ الأمرَ الشبكهْ
وعروقُ العمرِ على جبهتهِ انتفختْ كالأفعى
فالصيدُ ثمينٌ وكريمْ
زارَ السعدُ الغائبُ صحاراواتٍ في تلك العينينْ ...
النبعُ المسجونُ سيهطلُ كالذكرى ويُروّيه
- يا حوتُ تقدّمْ ...
يا حوريةُ هذا البحرِ ...
يا كنزاًً مدفوناً اظهرْ
 

 
الشوكةُ تلدغُ بطنَ البحرِ
يئنُّ البحرُ...
- لن ينزعَ قسوتَها إلاّ طمعٌ ينهشُ عقلَ الإنسانْ
مَنْ خَبِرَ دُروبي الحمقى ...
سيطولُ جنونَ المصباحْ
شدّ المسكينُ ذراعَ الحظِّ المكسورِ… وغنّى :
- ها هي تزحفُ نحوي ... والفرحُ البسّامُ سيأتي
يا حوتُ تقدّمْ ...
يا حوريةَ هذا البحرِ ...
يا شيئاً ذهبيّاً اظهرْ
لَعَقَ الصيادُ بقايا الصبرِ على شفتيهِ
لمّا لمعَ الصيدُ...
وأبصرَ بعدَ الصيدِ الأعمى سرَّ النومِ ... وسرَّ القريهْ
 
***
© 2024 - موقع الشعر