الراعي - محمد مهدي الجواهري

لَفَّ العَباءَةَ واستقَلاَّ بقطيعِهِ عَجَلاً .. ومَهْلا
 
وانصاعَ يَسْحَبُ خَلْفَهُ رَكْبَاً يُعَرِّس حيثُ حَلاَّ
 
أوْفَى بها.. صِلاًّ يُزاحِمُ في الرمالِ السُّمْرِ صِلاَّ
 
يَرْمِي بها جبلاً فَتَتْبَعُ خَطْوَهُ .. ويَحُطُّ سَهْلاَّ
 
أبداً يقاسِمُها نَصِيباً من شَظيف العَيْشِ عَدْلاََ
 
يَصْلَى كما تَصْلَى الهجيرَ ويستقي ثَمَدَاً وضَحْلاَ
 
يُومِي فَتَفْهَمُ ما يُرِيدُ ويَرْتَمِي فَتَهُبُّ عَجْلَى
 
وتكادُ تُعْرِبُ "بالثُغَاءِ" " هَلاَ " وَ"حَيِّهَلاَ " وَ"هَلاَّ"
 
يَقْفُو بِعَيْنِ النَّسْرِ تَرْقُبُ أَجْدَلاً - ذئباً أَزَلاَّ
 
وَيَحُوطُ كالأَسَدِ ٱجْتبى أشبالَهُ .. جَدْيَاً وَسَخْلاَ
 
أَوْفَى على رَوْضِ الحياةِ يَجُوبُهُ حَقْلاً فَحَقْلاَ
 
وٱرْتَدَّ يَحْمِلُ ما يَصُونُ ذَمَاً .. وما أَغْنَى وقَلاَّ
 
نَايَاً يَذُودُ بهِ الوَنَى وَيُلَوّنُ النَّسَقَ المُمِلاَّ
 
وعَصَاً يَهُشُّ بها .. ويَرْقَى ذروةً .. ويُقِيمُ ظِلاَّ
 
* * * * *
 
يا رَاعِيَ الأغْنَامِ : أَنْتَ أَعَزُّ مملكةً وأَعْلَى
 
للهِ مُلْكُكَ مَا أَدَقَّ وَمَا أَرَقَّ . . وَمَا أَجَلاَّ
 
يرْوِيكَ مِنْ رَشَفَاتِهِ قَمَرُ السَّمَاءِ إذا أَطَلاَّ
 
ويَقِيكَ في وَعْثِ السُّرَى وَهَجُ المَجَرَّةِ أَنْ تَضِلاَّ
 
وتَلُمُّ في الأَسْحَارِ عنقودَ النُّجُومِ إذا تَدَلَّى
 
أبداً تَشِيمُ الجَوَّ تَعْرِفُ عندَهُ خِصْبَاً ومَحْلاَ
 
وتكادُ تَغْرِفُ وابِلاً حذقَاً وَتَرْشِفُ منهُ طَلاَّ
 
تُزْهَى ، بأنَّ الأرضَ خضراءٌ زَهَتْ نَبْتَاً وبَقْلاَ
 
وَتَوَدُّ لَوْ حَنَتِ الفُصُولُ على الرَّبِيعِ فَكُنَّ فَصْلاَ
 
وَلَوَ أَنَّ كُلَّ الناسِ مِثْلُكَ من غَضَارَتِها تَمَلَّى
 
أُعْطِيتَ نَفْسَاً لَمَّتِ الأجزاءَ حتّى صِرْنَ " كُلاَّ "
 
وأَسَلْتَ " بَعْدَاً " في غِمَارِ الذكرياتِ فعادَ " قَبْلاَ "
 
عُرْيَانُ من " عُقَدِ " النفوسِ عَصِلْنَ .. فٱستعصينَ حَلاَّ
 
لم تَرْعَ من شجرِ التَّكَالُبِ وارفاً حقداً وَغلاّ
 
وجهلْتَ مُتْرَفَةَ الحياةِ تَذَوَّبَتْ كَسَلاً وذُلاَّ
 
لم تَخْشَ بُؤْسَ غَدٍ يُشَوِّهُ من جمالِ " اليومِ " شَكْلاَ
 
لا تعرف " الأشباحَ " رَعْنَاءَ الخُطَى ، شَوْهَاءَ ، خَجْلَى
 
أَطْيَافُكَ الزَّهْرُ النَّدِيُّ شَذَاً ، وألوانَاً وظِلاَّ
 
وَمَطَارِحُ "المِعْزَى" تُعَاوِدُ عندَها وَطَنَاً وأَهْلاَ
 
وَكَسَرْحِكَ الرَّاعِي تَعِنُّ رُؤَاكَ مُعْلَمَةً وَغُفْلاَ
 
تَرْتَادُ "مُعْجَمَةَ" الدُّنَى وَتَجُوسُهَا فَصْلاً فَفَصْلاَ
 
وَتُسَامِرُ النَّجْوَى تَعُبُّ بِكَأْسِهَا نَهَلاً وَعَلاَّ
 
وَتَرَى مُلَوَّنَةَ الطبيعةِ إِذْ تَغُمُّ .. وإذْ تَحَلَّى
 
غُولَ الظَّلامِ إذَا تَعَلَّى وَسَنَا الصَّبَاحِ إذَا تَجَلَّى
 
* * * * *
 
حُيِّيتَ رَاعِي الضَّأْنِ يَرْعَى ذِمَّةً كَبُرَتْ و"إِلاَّ "
 
تلكَ الأمانةُ أَوْدَعَتْ أثقالَهَا كُفُوَاً وَأَهْلاَ
 
كانتْ لهُ غَلاًّ وَآخَرُ شَاءَهَا للناسِ غُلاَّ
 
ما أقبحَ الدُّنيا إذا ضَلَّ الرُّعَاةُ وما أَضَلاَّ
© 2024 - موقع الشعر