عاشق من أفريقيا - محمد الفيتوري

عاشق من أفريقيا
صناعتي الكلام
وكل ثروتي شعور ونغم
ولست واحدا من أنبياء العصر
لست من فرسانه الذين يحملون رايات النضال
أو يخطون مصائر الأمم
لكن لي هوى يكبر كلما أكبر
لم أمنحه مرة لملك متوج
لم أمرغ وجنتيه فوق أعتاب صنم
صناعتي الكلام
قد أجيد تارة.. وقد أخطئ تارة
لكنني منذ مشيت عواصف الحنين في دمي
ومنذ أزهرت براعم الكلام في فمي
ومنذ ما انطلقت ضائعا مشردا
أطوي ليالي غربتي..
وأمتطي خيول سأمي
كنت عذابي.. أنت يا أفريقيا
وكنت غربتي التي أعيشها
وشئت أن أعيشها
* * *
وحينما غنيت.. غنيت لعينيك
ومست شفتي في وله رموشها
حينئذ رأيت فيهما توهج الألم
رأيت فيهما العذاب والشموخ والشمم
صناعتي الكلام
ربما أثقل صوتي الضعف والرهبة أحيانا
فعاد لي صداه.. باكيا حزين المقتلين
حتى ليبكيني صدى صوتي..
فأنحني أمسح فوق شعره.. وأضغط اليدين
وأشرب الدموع من عينيه الطفلتين
ويثقل الكلام في فمي
أحس أحيانا كأنما كلامي في فمي
مثل جذوع الشجر القديم
* * *
ضاربات تحت أطباق الثرى
مثل معادن البحار الغائصات أبدا
مثل كنوز الأرض
ربما نبصرها بالفكر..
قبلما نلمسها باليد
أو نحسها بالعين..
صناعتي الكلام
لا وسام.. لا وشاح.. لا ذهب
لا راية تظلني.. ولا لقب
فلتغفري لي أنني أجيء في نهار عيدك الكبير
أجيء والشمس على صدرك ماسة زرقاء تأتلق
صدرك يا رائعة الجراح قبة الأفق
وعرشك الرياح، والجبال، والسحب
أجيء لاهث الأنفاس، مصلوب العنق
روحي سحابة، وجسدي شفق
* * *
لا شيء في يدي
لا شيء في فمي
إلا بقايا مقطع قصير
أعزفه في خجل على الورق..
© 2024 - موقع الشعر