أغنية إلى السودان - محمد الفيتوري

منذ زمان بعيد كانت طبول بعيدة...
مشدودة، فوق أيد قوية مشدودة
تؤرق الوحش في الغاب
والطيور الشريدة...
وكل ما تلد الأرض من حياة جديدة
كانت تبث أساها
وترتمي مكدودة
في ظلمة القارة البكر
القارة المسدودة
أرض الكهانات
أرض الحقائق المفقودة
أرض الجنائز، والشمس، والليالي المشيدة
ومر يوم ذليل، مكفن بالعبودة
تساقطت فيه أرضي...
مغلولة، مجلودة...
تحت سياط الغزاة، المعقودة، المفرودة
واحتقن الدم في روحها...
وصب جموده
واعتنق النعش واللحد
في خطاها الوئيدة
لولا بقية ذكرى قديمة محشودة
عن سيد، وجوار، وأذرع ممدودة
وعن ضحايا عرايا
خلف الحدود البعيدة
وعن بلاد تضم الطغاة، وهي سعيدة
وعن شعوب كسالى...
وعن شعوب بليدة
تعيش في كل يوم...
في أرضها مطرودة
ومثلما يسحق المارد السجين قيوده..
ومثلما تنفض أغلالها الرياح الشديدة
تحركت ذات يوم
أفريقيا الموعودة
وقام في قلبها السودان يعلن عيده
باسم جميع الشعوب
المسجونة المصفودة
القاهرة 1956
© 2024 - موقع الشعر