لا.. ليس.. لبنان - محمد الفيتوري

لا.. لا تقل دخلوا في الموت أو رحلوا
هناك من أمر الأبطال فانتقلوا..
هناك لبنان، والأرض التي غضبت
لوقع أقدام من خانوك يا جبل
هناك إرثك في الأرواح حيث سرت
أرواح من ملكوا الدنيا ومن شغلوا
هنالك القدس.. يا قدس النبوة ها
قد كان ما كان، مما سطر الأزل
لكن سكان برج الصخر تدرك أن البحر
آت.. وأن الموج متصل
سألت نفسي لما جئت مختلطاً
أكاد أخلق في ذاتي وأرتجل
ماضي مجد قديم النقش أحمله
على ذراعي ميتاً، حيث أرتحل
ودارتي قطعة من صخرة سقطت
من نجمة لم تزل في الأفق تشتعل
وبي من الهم، ما بالكون من عرب
ضاقت بهم صحراء التيه فاقتتلوا
تقاتل الجبلان: القهر والبشر السكون
بالقهر، والدميتان: اليأس والأمل
أنا الشقي بهم.. لم يبق في دمهم
من عزة النفس إلا النفط والعلل
أنا الشقي بأحبابي، وإن يبسوا
كمثل ما تيبس الأيام أو أفلوا
ففيم أزهو اغتراباً عنهم.. وأنا
كل الذين علوا في الأرض أو سفلوا
وفيم أستنهض الأموات معتذراً
ما دام تاريخ أجدادي هو البطل
غفوت.. لم أغف: مثل النهر سابحة
أسماكه.. وهو في استغراقه ثمل
نأيت.. لم أنا: كان الموت يلبسني
حياً.. ويلصق في عمري وينفصل
بكيت.. لم أبك: مرت غيمة فسقت
غصناً من الورد يدنو ثم لا يصل
رأيت لم أر شيئاً: كان ثمة في الآفاق
بغض لوجه البغض يقتتل
صرخت والدم في راحات من شربوا
ولحم لبنان في أشداق من أكلوا
لمن إذن نصب الموتى سواعدهم
فوق الجحيم، وشبوا فيه واكتهلوا
وفيم أطلق طفل جسمه قمراً
من القذائف، والتاريخ منذهل
وغاص في وطن كالحلم تحرسه
عدالة الله فوق الأرض والمثل
لبنان.. لا ليس لبنان الذي صنعوا
بالأمس أو قسموه اليوم واحتفلوا
لا ليس لبنان عرش الطائفي إذا
استقوى.. وألعوبة الحكام إن عدلوا
لا ليس لبنان تلك الملصقات على
الحيطان، تنزو جراحات وتندمل
وليس لبنان هذا الليل يغسل عينيه
..بذبح ضحاياه.. ويكتحل..
لبنان رؤيا نبوات مقدسة
تظل في الكون مثل الكون يكتمل
فلتستبق وحدة الأديان خالقها
إلى الوجود.. وتحصد زرعها الرسل
باريس 1984
© 2024 - موقع الشعر