وأنا وحدي مع الليل - فدوى طوقان

في اللي، إذ تهبط روح الظلام
مرسلة فيه الرؤى الهائمة

يطيف بي في يقظتي الحالمه
طيف ولكن ما له شكل

يحضنه جفني، ولا ظل
وإنما بحسبي الملهم

أعيه شيئا ملغزاً مبهم
كأنما طلسمه الليل

وكلما رفعت في وحدتي
له مصابيحي انزوى في القتام

في الليل، إذ تنعكس روح الوجود
يخطفني شيء وراء الفضاء

كأنما تحملني في الخفاء
ضبابة تسير في تيه

لا لمعة تجلو دياجيه
لكن روحاً غير منظور

وإراه دوني ألف ديجور
أحسّه في لا تناهي المدى

يشدّني إلى بعيد بعيد
في الليل إذ تخشع روح السكون

أسمع في الهدأة صوتاً غريب
صوتاً له طعم ولو وطيب

طعم، ولكن غير أرضي
لون، ولكن غير مرئي

طيب، ولكن..
لا، فما أدري

ما كنهه، كأنما يسري
من عالم هناك غيبيّ

تظل روحي وهي مأخوذة
تصغي إليه من وراء الدجون

ما أنت يا من في ظلال الليال
أحسه مل حنايا الوجود

في الأرض، في الأثير في اللاحدود
في قلب قلبي في سماواتي

في ورح روحي في مدى ذاتي
هلا توضحت لآفاقي؟!

هلا تجسدت لأشواقي
هلاّ؟

ولكن كيف؟
هيهات

فأنت مثل الغيب ما تنجلي
يا لغز.. يا حقيقة كالخايل!

© 2024 - موقع الشعر