عَبَقُ اليَاسَمِينْ - فاضل سفّان

عَبَقُ اليَاسَمِينْ
إلى شيرينة محمد وفاءً وذكرى
و"شيرينُ" في القلبِ
أندى مِن السِّحْرِ طِيْباً
وأشهى مدىً
نادمَتْهُ رِكابي
تراءتْ مع الفَجْرِ
تَشتارُ مِنْ عَبَقِ الياسمينِ
وتَقْتافُ سابِلَةَ المستحيلِ
وتَرسمُ في خافِقِ الصدْرِ طَيْفاً
يؤرِّقُني
إذ يهلُّ خَجولاً
وما خنْتُ للشهدِ يَوْماً
مرابِعَهُ البِيْض
ما سِمْتُهُ دمعةً في القُنوطِ
وعندي له كلُّ مغنىً خَصِيْبِ
***
عذرْتُكِ
لم تَعرِفي قَبْلَ هذا اللقا
مَنْ أكونْ
تحيَّتُنا في المَساءِ انكِسارٌ
وعندَ اشتعالِ الصباحِ رجاءْ
وما كنتُ أدري
بأنّي تجذَّرْتُ فِيْكِ
مِن البَدْءِ حتى حلولِ السُّكونْ
-2-
ولي في مَطَاف السنا
بعضُ وَعْدٍ
تَقاطَرَ في وَحْشَةِ الدربِ نَجْماً
إذا قامَرَتْهُ يداكِ
استحالَ هوىً
يملأُ الأرضَ في كلِّ خَطْوٍ
حياءً وتِبْرا
ويومَ يهزُّ الخواءُ نشيدي
تُخاتلُهُ طلّةُ الحالِمينَ
على صهوةٍ من سَرابِ الظُّنونِ
تقودُ خُطانا مُجَرَّحةً
في عَجِيْجِ الندامى
هُياماً... إلى صَحْوَةِ الكِبْرِ تمضي
وترشقُنا خَفْقةً في الرَّبَابْ
-3-
حُداءً إلى سدرةِ المُنتهى
إذ يطلُّ حَفِيّاً
وما كنْتُ أرمي لهُ مشهداً
في زحامِ الطريقِ
بِرَبِّكِ منذا أناخَ على كَرْمِنا
كي تمرَّ رِكابي
بِوادٍ كئيبْ..؟!
وما زال في واحَةِ العُمْرِ
دَفْقُ أمانٍ يراودُني
كي أعودَ إلى نَجْوَةٍ
أنتِ فيها المَلاذُ الحبيبْ
-4-
ذريني على الظَنِّ
ذاك دمي صنْتُهُ
في سِباقِ الخطايا
مُراهَنَةً في الزمانِ الغريبْ
وبي لوعةٌ
تنفثُ السهدَ ناراً
على مَحْمَلِ الوَرْدِ تَفْنى
وألفُ عَمِيْدٍ
ينامُ على نَبْضَةِ الجرحِ
ذاتَ مساءٍ رَطيبْ
-5-
زمانُكِ يا طفلةَ الروحِ ماضٍ
يهلُّ شفيفاً
يعانِقُ في الصدرِ بَوْحاً
يغازلُني في مَسارٍ عنيدْ
تغيبُ عن الوَهْمِ أسرارُهُ
في الوجيبْ
أكادُ أهمُّ به جَهْرةً
غير أنّي أكاتمُهُ
في ظِلالِ اليقينْ
لعلّي إذا شِمتُ صبحاً
رضيَّ السنا حالماً
قد أثوبْ
ويا حلوةَ الثغرِ
ما عادَ قلبي يطاوعُني
كي ألمَّ جنىً
مِن رياضِ العذارى
أقايضُهُ
نشوةَ الجرحِ
أحثو على جاحدَيْهِ ترابي
يميناً سأبقى
-كما أنتِ- شمساً
تغيبُ المنى خِفْيَةً
إذْ تغيبْ
-6-
أُحِبُّ اشتمالي بذِكْراكِ لَحْناً
يهدهدُ ما جنَّدَتْهُ الهمومُ بصدري
فإني ظَمئتُ إلى لحظةٍ
من مَقِيْلٍ طَروبْ
تُبادلُني دافقَ الشوقِ صِرْفاً
توزِّعُ للقانطِيْنَ رجاءً
يعيدُ النقاءَ إلى كَبْوَةٍ
نازعتْني ضحىً
فتنةَ العشقِ
تمحو ذنوبي
-7-
عزائي إذا ما بعثتُكِ عِطْراً
يُغَمِّسُ من ياسمينِ دمشقَ شذاهُ
ومِن نَسْمَةِ الفَجْرِ شَدْوَ (الفراتِ) صلاةً
أتوبُ
إذا شِئْتِ يا حلوتي
أنْ أتوبْ
-8-
وحسبي إذا كنتِ لي
آخرَ العُمْرِ نجماً
يضيءُ سمائي
ويمنحُني نهلةَ الوجدِ خَمْراً
فما ظلَّ في واحتي
غيرُ ذكرى حِرابٍ
تَصيرُ إذا شئتِ رَوضاً
يرفُّ عطاءً
وينفَحُ للكَوْنِ مِنْ زاهِراتِ الرُّبا
مِهْرَجاناً
يطيبُ
إذا شئتِ يا حلوتي
أنْ يَطيبْ.
© 2024 - موقع الشعر