تراتيل الحزن والغضب - فاديا غيبور

-1-
هَبوا روحكم للعبيرِ المُسمّى
ربيعَ الشهادةْ
وغنوا طويلاً.. طويلاً لفجر الإرادةْ
هي القدسُ.. لا تتركوا صوتَها
مشرعاً لانهمارِ الرصاصِ
ولا تُخرِجوها من الأرجوانِ
فإنّ الدماءَ بشيرُ الولادةْ.
-2-
لكفٍّ تعندمُ وجهَ الصباحْ
لسربِ حمامٍ تهبُّ عليه جهاتُ الرياحْ
لأسمائِهم
للوجوهِ البريئةِ تفتحُ بابَ الصباحِ الجديدِ
لبعضِ بقايا الفطورِ على المائدةْ
لقبلة حبٍّ على خدِّ طفلٍ صغيرٍِ
يودِّعُ عند الضحى والدَهُ
لصحوةِ كلِّ الجبالِ البعيدةِ
وهي تبوحُ لنارِ الدماءِ
بوردةِ أسرارِها الخالدةْ
أسوقُ الغناء الحزينَ.. الحزينْ
إلى صرخةٍ لم تزلْ صامدةْ.
-3-
لأنَّ السماءَ
التي غادرَتْها السنونو حزينة
لأنَّ الحرائقَ
تمضغُ وجهَ المدينةْ
سأرفعُ نعشي احتجاجاً
على من يقتلونَ بأرضي
توهجَ لونِ الضياءِ بحضنِ السكينةْ
-4-
وجوهَ الصغارِ تعالَي
إلى أغنياتِ الحقولِ البهيةْ
ومرّي بأرضِ الجَنوبِ
وألقي على كلِّ بيتٍ هناكَ التّحيةْ
ولا تسألي عن عذابِ الخيامِ
فقد صارَ ذكرى اخضرارِ الأماني
على ثغر جرحٍ
تعمّدَ بالنار يومَ توحّدَ بالدمِ والبندقيةْ
-5-
هي القدسُ تنهضُ من آهةِ الطفلِ
وهو يودّع بردَ الرصيفْ
ومن شهقةِ الجرحِ آنَ يلوّنُ أفقَ الخريفْ
هي القدسُ بوابةُ الحلمِ والذكرياتِ
ومسرى الرسولِ
رعافُ القرنفلِ
حين تهبُّ عليه رياح النزيفْ
-6-
لمجدِ السواعدِ وهي تسافرُ نحوَ اخضلالِ الحواكيرِ
بالتّوقِ والدهشةِ اليافعةْ
 
 
وللبرتقالِ الحزينِ يمدُّ إلى البحرِ شرفتَهُ الواسعةْ
لوجه محمّدْ،
لصوتٍ عليٍّ وليلى، لقيسٍ وأحمدْ
لكلِّ الذين أفاقوا وذرّوا الجراحَ
على مفرقِ العودةِ الرائعةْ
-7-
وحيداً مضى نحو أحزانِهِ واستحمَّ بعطرِ النشيدْ
فمنْ علَّم الوردَ أشواقَهُ،
من أضاءَ الظلامَ بشمعةِ حبِّ وضحكة عيدْ
ومن ذا أتته الزغاريدُ نشوانةً بانعتاقِ الحروفِ من الأسرِ
يومَ تمدّدَ حتى السماء أنينُ البلادِ بنار القيودْ.
-8-
فلسطين بوّابة للدخول إلى ملتقى الأغنياتِ الجديدةْ
فلسطينُ صوتٌ قديمٌ جديدٌ بروحِ القصيدةْ
فلا تخرجوا لهفة الوردِ من عشبةٍ بللتها الدماءُ
ولا تستبيحوا توهجَ وجهٍ بريءٍ بحضنِ القصيدةْ.
-9-
سلاماً لكفٍ تبارِكُ زيتونة راعفةْ
سلاماً لأيقونةٍ في مهبِّ الدماءِ
بكتْ خائفةْ
سلاماً لثأرِ البيوتِ هوتْ واقفةْ
سلاماً لمجد الوجوهِ الوديعةِ
مذ أدمنتْها المُدى النازَِفةْ.
10
أنا لا أريد عذاباً جديداً لأقطفَ شوكَ الفجيعةْ
ولستُ أريدُ نشيجاً حزيناً
لأذرو عليه رمادَ الكلامِ الجميلْ
وحبرَ الجراحِ الوجيعة
أنا لا أريدُ انكسارَ التألقِ فوقَ
مرايا العيون الوديعة.
-11-
يمرُّ بصدري هديلُ الحمامِ المسافرِ بينَ الرياحْ
حزيناً يمرّ فتحنو عليه بصدري شفاهُ الجراحْ
وتصرخُ، تصرخُ
حتى انكسارِ الضياءِ بوجهِ الصباحْ:
إلى أين تمضي وكلُّ البلادِ دماءٌ،
وكلّ الدماءِ ورودُ الكفاحْ؟
© 2024 - موقع الشعر