تراتيل الطائر المهاجر - وحيد خيون

تفَرّ قْنا
ذهَبْنا في مهبِّ الريحْ
وقرّرْ نا بأن لا نلتقي أبدا
سئِمْنا بعضَنا بعضاً
أردْنا أنْ نُخَرِّبَ بيتَنا عبثا ً بأيْدِينا
أردْ نا أنْ نُجَرِّبَ ما هي الجُدرانْ
أردنا أنْ نجرِّبَ بعضَنا بعضا
أردنا أن نرى الموتَ الذي يخشاهُ أترابي
كتبتُ عبارة ًمازالَ آخرُها على بابي
وداعًا
ثم ماذا بعد ما ذهبوا ؟
نزَ لْتُ بعالَم ٍما فيه أشرعة ٌ ولا شُطْآنْ
ولا نخل ٌ... ولا نهرٌ ... ولا رُمّانْ
ولا طيرٌ مضى برسائلي أو جاء ني بخبرْ
أنا مِن بَعْدِكُمْ في غابْ
وأرضي ذاتُ صخرٍ والسماءُ مطرْ
وغربانٌ تُفَتِّشُ ما بجَيْبي ثم تترُكُني
فتأتي ثُلَّة ٌ أخرى تُفَتِّشُني
فأشعرُ أنها يومًا ستأكُلُني
ولكنْ ... قد تبدّى الماءْ
فمَنْ يدري متى تتجَمّعُ الأشتاتْ ؟
ومَنْ مِنّا يُعِيدُ الماءَ للنهر ِ؟
ومَنْ مِنّا يُحاولُ أنْ يُحَوِّ لَني إلى عهدي ؟
أشُمّ ُخطاكَ يا وطني
أحاولُ مرّة ً أخرى
أ ُلَمْلِمُ ما تبدّى وانطوى مِن أول ِالعهدِ
تُرَى ...... مَن يَعْتَنِي بالأهل ِ مِن بعدي ؟
تفرّ قنا ...
وكُنا نقرأ الأيامْ
ونعرفُ غاية َ الدّهرِ
فَعَوِّدْ ني على نسيان ِ موطنِنا
وعَوِّدْنِي بأنْ أبكي على وطني
فماذا ظلَّ من عمري ؟
سوى طيرٍ يطيرُ بكلِّ زاويةٍ
وأعرفُ ضيْعَتِي ... وطني
فعَوِّدْنِي (حميدُ) أجَرِّبُ النسيانْ
فأنسى ساعة ًبغدادْ ......
شواطِئَها .. نساءَ الصالحيةِ .. شارع َالسعدونْ
أنا مازلتُ في بغدادْ
وأولادي بها يبكونْ
هناكَ مدينتي الأحلى من الدنيا
فرغم حوادثِ الأيام ِ ما ناحتْ
ولا ذبُلَتْ أزاهِرُها
تداعبُ كلَّ مُكْتَئِبِ
فكم قدْ حَمّلُوها فوقَ طاقتِها
وبغدادُ التي في غايةِ الأدبِِ
هجرناها بلا سببِ
© 2024 - موقع الشعر