أغـنـيـات ثـلاث - علي صدقي عبدالقادر

تفاح الأحد
 
رأيتها عشية الأحد
 
سمعتها، سمعت أياماً بحلقة الزمان
 
تقول لي من حلقة الزمان
 
تجرها الأعوام
 
تقول لي: تعال
 
إليك حزمة من ذكريات الأمس
 
وجرة من العشايا الماضية
 
ولمحة من قوس بيت الأسرة القديم
 
يصب في زقاقنا عربدة الأطفال
 
والدهر في مركبة خيولها الأيام
 
رأيتها عشية الأحد
 
فأنبتت خطواتها الورود
 
وخلقت ضحكتها الوعود
 
فاستيقظ الربيع في مزهرتي الطروب
 
وابتسمت نافذتي العبوس من زمان
 
وارتشفت ستائري ألوان ثوبها المنداح
 
عن سلة التفاح
 
 
 
الوسادة والرؤى
 
وابتسمت تقول: هل تذكرني، تقول:
 
أتذكر الرسالة الزرقاء
 
حروفها أجنحة الخطاف في السماء
 
ألفاظها صغيرة كلعب الأطفال
 
بسيطة كلعب الأطفال
 
بالمس كانت في حياتي الكلمات المرسلة
 
يضمها خطاب
 
بوابة تفضي إلى الربيع
 
إلى (نهاوند) يحطم الصقيع
 
بالأمس كنت أكتفي بأحرف مكتوبة على خطاب
 
مثقلة بالتين والرمان
 
أعصره حكاية مضيئة
 
لقطتي، لغرفتي بالليلة المطيرة
 
بالأمس كان الحرف في حياتي كل شيء
 
يحشو وسادتي، سريري بالرؤى
 
يزورني في حلمي عشر ليال كاملة
 
والآن لم تعد تشبعني دغدغة الحروف
 
مذ أسقطت داليتي أوراقها
 
مذ صرت أماً لم تعد تشبعني
 
لأنني أريد الدفء لا الثلوج
 
 
 
مدينة الحياة
 
حاولت لو أستطيع ملء عينها هدايا
 
لكن عينها كبيرة، كبيرة
 
تذوب بين هدبها الهدايا
 
عالية الأسوار
 
يصب فيها الليل والنهار
 
أغاني الشموس والأقمار
 
وجئتها بالدر، والياقوت
 
فأعرضت، وأسبلت أجفانها محتشمة
 
وأمطرت دموع الكبرياء
 
لأنها تحتقر الياقوت، والمحار
 
وجئتها بقارب أعواده تضوع بالبخور
 
شراعه من ريشة الشحرور
 
وأسبلت أجفانها وأطرقت محتشمة
 
لأنها لا تشتهي الرياح والبحار
 
وجئتها بفلة من نبت بلدتي
 
بيضاء مثل الوشوشات الناعمة
 
فأسبلت أجفانها والتفتت محتشمة
 
لأن الفل عمره ساعات
 
من ليلة، ويلفظ الأنفاس بالصباح
 
ولا يكون غير جثة محنطة
 
وجئتها بهذه القصيدة الزرقاء
 
حروفها أذبتها بدورق الغناء
 
أذبتها عند المساء
 
وفتحت أجفانها فاخضرت المروج
 
وانفتحت في عينها مدينة الحياة
 
أجفانها مدينة الحياة
© 2024 - موقع الشعر