لك... يا أمي - علي صدقي عبدالقادر

رأيتها فحسبتها أمي خرجت من القبر، لأنها تشبهها وجها وشكلا فناديت: يا أمي...
 
 
 
 
 
تعالي.. أنت.. يا أمي
 
ولم تسمع
 
ولم تنظر إلى صوتي
 
ولو نظرت
 
رأته حاملاً أوراق زيتونة
 
وعش حمامة بيضاء
 
ولو نظرت
 
رأت في نظرتي شيئاً
 
رأت أشياءها الحلوة
 
على فستانها أزرع
 
وأحصد غلة الموسم
 
* * *
 
ولو نظرت
 
رأتني طفلها الأول
 
وفي عيني ألعابي
 
بها ألهو، وأصحابي
 
وتنظر عبر وجهي، باب غرفتنا
 
وقوس زقاقنا، الضيق
 
وقطة بيتنا، (سعده)
 
وأربطة القماط البيض مغسولة
 
بحبل البيت منشورة
 
قماطي وأنا طفل
 
رأت كلماتي الأولى
 
على شفتي تتعثر
 
أنادي يومها (ماما)
 
فتغمرني بألف ربيع
 
* * *
 
ولكن هي لم تذكر
 
ولم تسمع نداءاتي
 
وتمضي في زحام الساحة الكبرى
 
ركضت وراءها، ناديت.. يا أمي
 
على منعطف الشارع
 
وكل الناس سمعتني
 
ولكن هي لم تسمع
 
وصحت بها، يا.. أنت.. يا أمي
 
أنا ابنك
 
* * *
 
وكانت مرأة في وجهها أشياء من أمي
 
وفوق جبينها خصلة
 
وأقسم إنها من شعر والدتي
 
عليها مطر أسود
 
وددت لو أنني أستطيع أن أحضن
 
مواطئ خطوها.. بالساحة الكبرى
 
وحتى الشارع المكتظ بالناس
 
بما فيه لأحضنها
 
لأحضن من في وجهها أمي
 
لأغسل صدرها كالطفل، بالدمع
 
كطفل خائف أبكي على صدرك
 
لأني بعد لم أكبر
 
أنا طفلك
© 2024 - موقع الشعر