" بوّابة الآتي" - عبدالرحمن عمار

" بوّابة الآتي"
 
 
توسّدتُ نبضَ المدائنِ،
أسندتُ رأسي طويلاً على تعبي،
راجياً تعبي أن يكون المعينْ
وأطبقتُ عينيّ.
أحملُ في غفوتي قبلةَ الحالمينْ
لعلّي أفجّرُ نبعَ البصيرةِ في عالمٍ
أصبحتْ فيه تلك الأماني رهاناً
وساحاتُ أرضي ملاعبَ
تلهو عليها المنايا.
وقبري يُجرُّ
وتاريخُه يُستباحُ
ويبقى أمام صنوفِ المخالبِ
صرخةَ قلبٍ طواها السكونْ.
كأني رأيتُ الزمانَ
يهدّمُ من هيكلِ الدارِ بنيانَها
والبنينْ
فهاهم شيوخُ القبائلِ
يمسون خيلاً مطايا
وليلُ النوايا
يطلُّ علينا بأنوائِهِ من أعالي السنينْ
ويتركُ أوتارَ وجدانِهِ
في حناجرَ موقوفةٍ
للصلاةِ على وثنٍ.
قيل، إن جلالَ العصورِ
تجلَّى على كف ذاك الوثن.
فتحتُ كتابَ السلاطين
أعني، قرأتُ احتمالاتِ موتٍ قريبٍ
وأعني، حملتُ ردائي كفنْ
وألقيتُ ظلي عباءةَ حزنٍ
على بدني
فاستباحَ سهادي معاقلَ هذا البدنْ
وغاصت نهاراتُ تلك الرؤى
واستوت ملعباً لاحتواءِ الجنازاتِ.
من ههنا كان عقمُ الخطى
يستطيل على قدمي
والسراطُ إلى رابياتِ المغاني
متاهاتُ يومٍ طويلٍ
تغازلُ أركانَه راجماتُ المحنْ
***
يقول لي القلبُ:
نادمتُ أثمالَ تلك العواصمِ..
نادمتها في عياءِ المحطّاتِ...
في أعينِ الراحلينَ
فأيقنتُ أن الحقائب مشحونةٌ بالسآمةِ
والصمت
والاغترابْ
وأن الدعاءَ إلى الله
في منتدى الذلِّ
كي يستر اللهُ عريَ العواصم
لا يُستجابْ
فهاهي كل المنافذِ والطرقاتِ
تصيرُ نقاطَ عبورٍ
إلى موعدٍ من أسى
أو إلى مكمنٍ لامتصاصِ الدماءْ
وأيقنتُ أن الغدّ العذبَ
من لجّةِ الكبرياءْ
سيأتي إلينا طروباً بآثامِهِ.
يتمشى على رأسِهِ
في هوانٍ مهيبٍ،
فترسمُ ميلادَه شفةٌٌ
لا تملُّ اجتراراً لأعيادها...
شفةٌ لاتملُّ الخطابْ
***
يقولُ ليَ القلبُ
لا شيءَ أندى من الحلمِ
حين يسافرُ بين الخلايا
بطاقاتِ وردٍ
توزّعُ أشواقَها في نهودِ الحياةْ
ولا شيءَ أبقى من الحزنِ
أرجوانةً للرئاتْ
ولاشيءَ أمضى من النصلِ
في الخافقِ الغضِّ
والنصلُ مرتعُهُ
في شرايين أرضي رحيبٌ
فهذي بلادي رهينةُ سوطٍ
وتاجٍ
وسيلٍ من النفطِ
والنفطُ يُغرقُ أنفاسها بالمراراتِ
والتبرِ
والجوعِ
والذارياتْ
© 2024 - موقع الشعر