مرآة لوجه الفارس الآتي - محمود محمد الشلبي

قادم من سرايا المخاض ،
 
على ساحة الفتك ، حط ، بزنديه
 
لون الرجوع العتيق .
 
قادم ، ماسح لون هذا المحال ،
 
بكفيه ، يهمي على الأرض نوراً .
 
سبيلاً من الفيض .. بعثاَ ..
 
مواكب صحو تنير الطريق .
 
 
 
قادم فيه بوح التباشير في الأفق ،
 
فجر صمت الكهوف ،
 
على لوحة الأمل الأزرق ،
 
كان فيض الظلال .
 
مشعلاً .. مطراً ناعماً ..
 
كان شكل البريق .
 
قادم .. قادم عبر بوابة الومض ،
 
في راحتيه تعانق نسران ،
 
حوّم صقرك فوق اخضرار التلال .
 
صاح أماه ... أماه ...
 
أين الرفاق ؟!
 
قادم .. قادم .. فالخيول العتاق .
 
أنكرت سقطة الموت .. تصهل
 
تربع .. في ساحة الصبح ،
 
حان طلقك .. والمهر يسبح ..
 
والريح تصرخ .
 
أين الرفاق ؟!
 
قادم .. قادم ..
 
لا تقولي أماه : ليل السنين على كتف
 
الموت ، فرّخ حزناً .
 
إنه العيد يزهر فحماً ، يقتات بالملح ،
 
يستاف فوح الضياع القتيل .
 
يشرب المر ، يأوي إلى زمهرر المرارة ،
 
يغفو على راحة الويل ،
 
هذا الزمان الضئيل .
 
 
 
أي شيء تخبأ في كم هذا الزمان
 
الكئيب ؟!
 
غير خزي التواريخ ، غير انسلاخ
 
الطلاء الذهيب على حائط الأمس ،
 
مات .. تسمر ،
 
فوق اصفرار الأصيل .
 
أي لون تراه قد أنساب ،
 
عبر عروق الليالي العقيمة ؟!
 
غير تهويمة الموت طافت .
 
على مشتل السقط .. سقط العزيمة .
 
لا تقولي : ما ماج لون ..
 
ولا ضاع عطر .. من هام هذا الزمان
 
الذليل الشكيمة .
 
 
 
" تذييل "
 
 
 
قولي أماه : على درب الأفق ،
 
بذرنا اليوم بذاراً ، تزهر في الاحتراق
 
المحروقة من ليل المقت .
 
تورق زيتوناً .. قمحاً .. رفضاَ .. وهجاً
 
في ذاكرة الوقت .
 
قولي : ما نأكل نأكل .
 
ما نشرب .. نشرب .
 
يبقى الأمل المزهر يتشرخ
 
في عز الظهر ، يعانق شبح الموت
 
يبقى الأمل المزهر ...
 
يبقى يكبر .. يشهر رمح الثأر ،
 
بوجه التنين الأعجف ،
 
يبقى وجهك يحلم بالفارس ،
 
يأتي من خلف تخوم الصمت ،
 
يحلم ثانية
 
بالفارس يأتي ..
 
من خلف تخوم الصمت .
© 2024 - موقع الشعر