بانتظار الموسم الآتي - محمد جلال قضيماتي

ضاقَ المدى
عن حملِ نورِ الشمسِ
فاستشرى الضبابُ
وقالَ للدنيا:
-قفي
قد سَمّرتْنا الأرضُ
في وجهِ الرياحِ
وضمّدتنا
بانتظارِ الموسمِ الآتي
عسى
أن نستريحَ بموقفِ
فتنازَعَتنا
لهفةُ الإخصابِ
في عرسِ الرؤى النشوى
ولهفةُ
أنْ نكونَ على بساطِ الوعدِ
لحناً بعدُ لمّا يُعزَفِ
يا روعةَ الذكرى.!
تُرى..
ماذا سنصبح
بعدَ طولِ السيرِ
في طُرُقِ الهوى
قولي:
ألا تدرينَ
أم أنَّ المدى
لم يَعْرِفِ.؟
رَعَشاتُ حبّكِ
إنْ يُحرّكْها الجنونُ
فإنَّ في عينيكِ
تاريخَ انتظارْ
لا تحلمي بالذكرياتِ
وأوقفي
عرباتِ نفْيِكِ
في تضاريسِ المدارْ
هَمَساتُنا عَتْبى
وتدري
أنّنا من بعدِ ما كنّا سؤالاً
في ضميرِ الغيبِ
في سكَناتِ أحلامِ القفارْ
عُدْنَا
لنخصبَ في بهاءِ الصحوِ
لكنْ..
قبلَ أنْ نُروى بأمطارِ النّضارْ
سكَنَتْ بنا سُحُبُ الرجاءِ
فَيافيَ الأملِ المسوّر بالنهارْ
فتقا سَمَتْنا
خطوةٌ تحدو بنا
نحو الظلامِ
وخطوةٌ أخرى
تهِمُّ
فيصفعُ الدّربَ المسارْ
فنعودُ..
لا نَلْوي على وطنٍ
سوى
ما سيجّتْهُ ببالِنا
حِزَمُ الدُّوارْ
منْ أنتِ..
يا رؤيا تلوحُ على الصراطِ
وحينَ أعبرُ شأْوَهُ
أهوي إلى الدّرَكِ الرجيمْ
لا تأخذي مني العتابَ
ولا الإيابَ
إلى محطاتِ النعيمْ
دأبي
وإيّاكِ انتمى
للشوقِ
للوجدِ المعنِدلِ
في انطفاءاتِ العيونِ
لمرفأٍ
يبكي على الشطِّ القديمْ
ولأنّني
ما زلتُ أعلمُ أنّنا
توقٌ يسافرُ في الإيابِ
ويمحزُ الأزمانَ
في الزمنِ العقيمْ
أزمعتُ
أن ألقي إليكِ
بقيّةً من ومضةٍ
حينَ التألّقِ
أغطشَتْ
وتوكأَتْ
حيرى.. تدبُّ على متاهاتِ السّديمْ
فَتَوَصّلَتْ
وتَوَاصَلَتْ
وكأنّها
كانتْ .. وما كانتْ
سوى ألقٍ
تردّدَ مفضياً بالسرِّ
دونَ وشايةٍ
حتى يُوائمَ بيننا
لكنّهُ..
لم يدرِ أنّ لقاءَنا
أضحى محالاً
بعدما أفضتْ إليهِ رسالةٌ
من جانحيكِ
تقولُ:
وَدّعْنا الشبابَ
وَهَا خطانا
عَثرْةٌ
تمضي.. ولا تمضي بنا
إلاّ إلى أملِ الحطيمْ
وَهُنا
تَجاوَزْنا خطانا
وانتهجنا خُلْسَةً
والعمرُ يجري خلفنا
وصياحُ ماضينا
يُرَجّعُ ما تَرَكنا بعدَنا
فاستغفرتْ روحي اللقاءَ
وأيقنتْ
أنّا كتبنا عمرَنا
في صفحةٍ طُوِيتْ
وآلى دربُنا
أن يستريحَ بلا خطانا
متعَباً
يقضي على ما قد حَلُمْنا
واقترفْنا
من لذاذاتِ الهوى
حتى انهزمنا
دونَ أنْ ندري
بأنّ الدربَ أفضى بعدَنا
للهجرِ
والسلوانِ
لكنْ..
لم تَزَلْ في زعمِنا
ذكرى
_ولولا الزعمُ-
ما كانتْ لنا
إلاّ ذُؤاباتُ الطريقِ
نحثُّ فيها خطوَنا
ونضيعُ في كرْمِ الهوى
آنَ اعتصرنا كرمَنا
مُتسابقينِ
وقد نسينا ظلّنا
نعدو.. ونعدو.. كالظّبي
ونظنُّ
أنَّ الدربَ أشرعَ سيرَنا
نحوَ السنا
لكنّنا..
يكفي الذي
قُلنا..
وقُلنا..
حَسْبُنا
أنّا التقينا
وافترقنا
بانتظارِ الموسمِ الآتي
عسى
أنْ نستريحَ بموقفِ..؟

© 2024 - موقع الشعر