"صَبوة البدء انتهاءْ" - محمد جلال قضيماتي

وعيتُكِ في خاطرِ الظن حلماً
تجيئينَ عبرهُ
دون انتظار الزمانِ
وتغوين أحلام روحي
بما لا يشاء الزمانْ
ألا أيها الطيفُ.!
هذا مدى القلبِ
اَقْصِرْ عتابَكَ
إن المحبةَ أن تسكنَ القلبَ
لا أن تقولَ:
تناءيتُ
أين شراعُ الرجوعِ
إلى مرفأ القلبِ
ننسى
ونذكرُ
ننأى
ونعبرُ
كلَّ الدروبِ القفارْ
وأنتِ تنادينَ طيفَ انتمائي إليكِ
بأحرفِ نورٍ
بأحرف نارٍ
ولكنْ..
وذكراكِ تلمحني في الضبابِ
أسارعُ خطوي
فألقاكِ..
رفَّةَ هدبٍ
هنيهةَ قربٍ
فأغضي
وكلّي إليكِ يسابق كلّي
وأنتِ..
إذا ما تَفَرَّسْتُ وجهَكِ
في جانحيَّ
أراكِ جنوحَ انتظارٍ
فأعدو إليكِ
ولكنْ..
أراني وأنتِ وميضُ انطفائي
رجوعي إلى واحةٍ
لستِ فيها
سوى زفرةٍ من ضياعي
فأعلمُ
أنَّكِ سافرتِ في البعدِ
أمعنتِ في الصدِّ
خَوْفَ الحَذَرْ
فأكتُم كلَّ الذي حاصرتْهُ الأماني
وألقي إلى اليأسِ
باقي الصُّوَرْ
.. وأذكرُ
أن احتراقَ المسافاتِ
يسألني عنكِ
أنتِ التي أشعلتْ بيننا النارُ
أجواءَها
هل تنادينَ رؤيا تَوَلَّتْ
إلى غيرِ ما مقصدٍ من رؤاها.؟
وأنتِ التي أهْرَقَتْ بيننا الأرضُ
أهواءَها
هل تعودينَ صبوةَ قلبٍ
ترامى إلى سِدْرَةٍ
ضاع في بدئها منتهاها.؟
وأذكرُ
كيفَ دخلتُ وإيَّاكِ برزخَ أحلامِنا
ثم عدنا
وأنتِ تشيحين عن كل درب سلكنا
وقلبي يفتِّشُ عنكِ
ويعلمُ أن الذي حفظتْه الضلوعُ
تناهى بقولي عن الأمسِ:
كانَ
وكنَّا
لماذا إذن تعبرين الفؤادَ
وكلُّ الذي تعلمينَ
تمطَّى كسحبِ الدخانْ.؟
وها أنا في البعد طيفٌ
إذا ما تساءَلَ عنكِ
يعود أسيرَ الهوانْ
لماذا..
وإمّا ذكرتُكِ
أرجعُ
والقلبُ يعلمُ أن هوانا كأصداءِِ:
كنَّا
وكانْ.؟
لماذا..
وإمّا أتيتُكِ في الذكرياتِ
أعودُ..
وفي القلبِ:
لطف الزمانِ
وعنف الزمانْ؟
لماذا...
لماذا..
ويندى سؤالٌ
ويذوى سؤالْ
فنفضي
وفي سرِّنا السرُّ
يغري دروبَ المحالْ
ألا أيّها القلبُ.!
هَبْ لي إذا ما ذكرتُ
أراجيحَ روحٍ
تعودُ
وتنأى
وَهَب لي إذا ما عبرتُ الهنيهاتِ
دنيا
تشاطرني العمرَ
نوراً
ودفئاً
لأنَّكَ أنتَ البقيةُ
هَبني الحياةَ
ودعني
أسامِرُ زهرَ الطيوفْ
فإني، وإن ذَهَبَ العمرُ، أدري
بأن الجذورَ
ستمنح جُرْدَ الغصونِ
حياة
وحباً
وفيئا
وأن المنارةَ تبقى
-وإن عصف البحرُ-
هدياً
وضوءا
ألا أيّها القلبُ.!
بعضَ التجمُّلِ
لم يبقَ إلا الخواءْ
فقد أفل النجمُ
وأنطفأ الحلمُ
والنفس أَقْوَتْ
فكلٌّ هباءْ؟
 

© 2024 - موقع الشعر