فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا - صفي الدين الحلي

فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا
وَأَخجَلتِها إِذ كُنتِ مِن نورِها أَسنى

وَلَمّا رَجَونا مِن مَحاسِنِكِ الحُسنى
بَعَثتِ لَنا مِن سِحرِ مُقلَتِكِ الوَسنى

سُهاداً يَذودُ النَومَ أَن يَألَفَ الجَفنا
وَخِلتُ بِأَنّي عَن مَغانيكِ راحِلٌ

وَرَبعَ ضَميري مِن وِدادِكِ ماحِلٌ
فَأَسهَرَ طَرفي ناظِرٌ مِنكِ كاحِلٌ

وَأَبصَرَ جِسمي أَنَّ خَصرَكِ ناحِلٌ
فَحاكاهُ لَكِن زادَني دِقَّةَ المَعنى

حَوَيتِ جَمالاً قَد خُلِقتِ بِرَسمِهِ
فَخِلناكِ بَدرَ التَمِّ إِذ كُنتِ كَاِسمِهِ

فَمُذ صارَ مِنكِ الحُسنُ قِسماً كَقِسمِهِ
حَكَيتِ أَخاكِ البَدرَ في حالِ تِمِّهِ

سَناً وَسَناءً إِذ تَشابَهتُما سِنّا
سَجَنتِ فُؤادي حينَ حَرَّمتِ زَورَتي

وَأَطلَقتِ دَمعي لَو طَفا حَرَّ زَفرَتي
فَقُلتُ وَقَد أَبدى الغَرامُ سَريرَتي

أَهَيفاءُ إِن أَطلَقتِ بِالبُعدِ عَبرَتي
فَإِنَّ لِقَلبي مِن تَباريحِهِ سِجنا

حُرِمتُ الرِضى إِن لَم أَزُركِ عَلى النَوى
وَأَحمِلَ أَثقالَ الصَبابَةِ وَالجَوى

فَلَيسَ لِداءِ القَلبِ غَيرُكِ مِن دَوا
فَإِن تُحجَبي بِالبيضِ وَالسُمرِ فَالهَوى

يُهَوَّنُ عِندَ العاشِقِ الضَربِ وَالطَعنا
سَأَثني حُدودَ المَشرَفيَّةِ وَالقَنا

وَأَسعى إِلى مَغناكِ إِن شَطَّ أَو دَنا
وَأَلقى المَنايا كَي أَنالَ بِها المُنى

وَما الشَوقُ إِلّا أَن أَزورَكِ مُعلِنا
وَلَو مَنَعَت أُسدُ الشَرى ذَلِكَ المَغنى

عَدِمتَ اِصطِباري بَعدَ بُعدِ أَحِبَّتي
فَماذا عَليهِم لَو رَعوا حَقَّ صُحبَتي

فَبِتُّ وَما أَفنى الغَرامُ مَحَبَّتي
أَأَحبابَنا قَضَيتُ فيكُم شَبيبَتي

وَلَم تُسعِفوا يَوماً بِإِحسانِكُم حُسنى
أَعيدوا لَنا طيبَ الوِصالِ الَّذي مَضى

فَقَد ضاقَ بي مِن بَعدِ بُعدِكُمُ الفَضا
وَلا تَهجُروا فَالعُمرُ قَد فاتَ وَاِنقَضى

وَما نِلتُ مِن مَأمولِ وَصلِكُمُ رِضى
وَلا ذُقتُ مِن رَوعاتِ هَجرِكُمُ أَمنا

حَفِظتُ لَكُم عَهدي عَلى القُربِ وَالنَوى
وَما ضَلَّ قَلبي في هَواكُم وَما غَوى

فَكَيفَ نَقَضتُم عَهدَ مَن شَفَّهُ الجَوى
وَكُنّا عَقَدنا لا نَحولُ عَنِ الهَوى

فَقَد وَحَياةِ الحُبِّ حُلتُم وَما حُلنا
فَلَستُ بِسالٍ جُرتُمُ أَو عَدَلتُمُ

وَلا حُلتُ إِن قاطَعتُمُ أَو وَصَلتُمُ
وَلَكِنَّني راضٍ بِما قَد فَعَلتُمُ

فَشُكراً لِما أَولَيتُمُ إِذ جَعَلتُمُ
بِدايَتَكُم بِالبُعدِ مِنكُم وَلا مِنّا

© 2024 - موقع الشعر