كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ - صفي الدين الحلي

كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ
بَدا لِعُيونِنا أَم نَورُ نَجمِ

فَأَسرَحَ ناظِري في وَشيِ رَوضٍ
وَأَلقَحَ خاطِري مِن بَعدِ عُقمِ

وَقَسَّمتُ التَفَكُّرَ فيهِ لَمّا
أَخَذتُ بِهِ مِنَ اللَذّاتِ قِسمي

فَلَم أَعجَب لِذَلِكَ وَهوَ دُرَّ
إِذا ما جاءَ مِن بَحرٍ خِضَمِّ

أَشَمسَ الدينِ كَم مِن شَمسِ فَضلٍ
بِها جَلَّت يَداكَ ظَلامَ ظُلمِ

نَظَمتَ مِنَ المَعالي وَالمَعاني
بِدائِعَ حُزنَ عَن نَثرٍ وَنَظمِ

لَكَ القَلَمُ الَّذي قَصُرَت لَدَيهِ
طِوالُ السُمرِ في حَربٍ وَسِلمِ

يَراعٌ راعَ بِالخُطَبِ الزَواهي
جَسيمَ الخَطبِ وَهوَ نَحيفُ جِسمِ

فَفي يَومِ النَدى يَجري فَيُجدي
وَفي يَومِ الرَدى يَرمي فَيُصمي

وَيُرسِلُ في الوَرى وَسمِيَّ جودٍ
وَيَنفُثُ في العُداةِ زُعافَ سُمِّ

وَيُطلِعُ في سَماءِ الطُرسِ شُهباً
ثَواقِبُها لَأُفقِ المُلكِ تَحمي

إِذ رامَ اِستِراقَ السَمعِ يَوماً
رَجيمُ الكَيدِ عاجَلَهُ بِرَجمِ

فَيا مَن سادَ في فَضلٍ وَلَفظٍ
كَما قَد زادَ في عَمَلٍ وَعِلمِ

لَقَد بَسَمَت لَنا الأَيّامُ لَمّا
بَذَلتَ لَنا مُحَيّاً غَيرَ جَهمِ

وَشاهِدَ ناظِري أَضعافَ ما قَد
تَفَرَّسَ قَبلَ ذَلِكَ فيكَ فَهمي

فَكَيفَ أَرومُ أَن أَجزيكَ صُنعاً
وَأَيسَرُ صُنعُكَ التَنوَيهُ بِاِسمي

فَعَلَّكَ أَن تُمَهِّدَ بَسطَ عُذري
لِمَعرِفَتي بِتَقصيري وَجُرمي

فَمِثلُكَ مَن تَرَفَّقَ بِالمَوالي
وَغَضَّ عَنِ المُقَصِّرِ جَفنَ حِلمِ

وَدُم في سَبقِ غاياتِ المَعالي
تُصَوِّبُ لِلفَخارِ جَوادَ عَزمِ

© 2024 - موقع الشعر