إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي - صفي الدين الحلي

إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي
فَخُذ ما شِئتَ مِن قيلٍ وَقالِ

وَنالوا مِنكَ بِالأَقوالِ عِرضاً
وَقَيناهُ بِأَطرافِ العَوالي

وَقَد كانَ العَذولُ يَوَدُّ أَنّي
أُسيغُ لَهُ اليَسيرَ مِنَ المَقالِ

فَكَيفَ إِذا تَيَقَّنَ فيكَ زُهدي
وَكانَ يَسُرُّهُ عَنكَ اِشتِغالي

فَكَم سَخِطَ الأَنامُ وَأَنتَ راضٍ
وَكَم رَخُصَ المِلاحُ وَأَنتَ غالي

وَكَم هَدَمَت حِمى قَومي خُطوبٌ
تَهُدُّ الراسِياتِ وَأَنتَ عالي

وَكَم مِن وَقعَةٍ لِعِداكَ عِندي
نَذَرتُ بِها دَمي وَنَذَرتُ مالي

وَكَم هَمَّت كِلابُ الحَيِّ نَهضاً
وَقَد حَمَتِ الأُسودُ حِمى الغَزالِ

وَكَم لامَت عَليكَ سَراةُ أَهلي
فَأَحسَبُ قَولَ آلي لَمعَ آلِ

وَكَم خاطَرتُ فوكَ بِبَذلِ نَفسي
وَأَعلَمُ أَنَّ بالي فيكَ بالي

وَكَم صَبٍّ تَفاءَلَ في حَبيبٍ
وَفى لي إِنَّ حِبّي ما وَفى لي

وَكَم جَرَّبتُ قَبلَكَ مِن مَليحٍ
فَأَمسى جيدُ حالِيَ مِنهُ حالي

وَلَولا أَنَّ في التَجريبِ فَضلاً
لَما فَضُلَ اليَمينُ عَلى الشِمالِ

أَظُنُّكَ إِذ حَوَيتَ الحُسنَ طُرّاً
وَإِذ وَفَّيتَ أَقسامَ الجَمالِ

قَصَدتَ بِأَن جَعَلتَ العُذرَ عَيباً
عَساهُ يَقيكَ مِن عَينِ الكَمالِ

فَسَوفَ أَسوءُ نَفسي بِاِنقِطاعي
بِحيثُ أُسِرُّ نَفسَكَ بِاِرتِحالي

إِذا ما شِئتَ أَن تَسلو حَبيباً
فَأَكثِر دونَهُ عَدَدَ اللَيالي

© 2024 - موقع الشعر