وداعا صديقي محسن مأمون رسلان - أحمد علي سليمان

بدموع العينين أبكي الفقيدا
وأصوغ دمعي ووَجْدي قصيدا

راضياً بالمَقدور خيراً وشراً
شأنَ كل مَن وَحّدَ المَعبودا

وشريط الذكرى يروحُ ويغدو
تالياً - للماضي التليد - نشيدا

عاد بي - للوراء - يُشْجي حنيني
ثم جلى - من ذكرياتي - المزيدا

(محسنَ) الخير اذكرْ جميلَ صداها
ما تخيلتُ لحظة أن يعودا

إذ تلوتُ عن (شمعة الحي) تبكي
وبها جُرحٌ يشتهي التضميدا

إنها - بالنفس الأبية - ضحّتْ
كي ترى جيلاً مستبشراً منشودا

غالها الوجدُ ، والبلياتُ شتى
عندما الجيلُ ضَيّعَ المَجهودا

قرّحَ الدمعُ جفنها ، فاستجارتْ
ليس ما أبدى الجيلُ فعلاً رشيدا

بل سقوط يُفضي لدرك التردّي
ليس رأياً هذا صحيحاً سديدا

(محسنَ) الود كنت أسمى صديق
عشت تُرضي - بالود - رباً ودودا

كم تسامرْنا ، والتقت رؤيتانا
والرقيّ في القول يُعْلي الصِيدا

كم طربْنا بالشعر يُؤنسُ نفساً
ليس تهوى السُوآى ولا التنكيدا

كم تناولنا من قضايا ديار
في أساها تنعى سمواً مجيدا

كم تطرقْنا للمواضيع نالتْ
من حياةٍ تستهدفُ التجديدا

كم أتينا إلى ديارك ضيفاً
فالتقينا رفيقنا الصِنديدا

وإذا بالأخبار تحملُ سيفاً
إيهِ يا قومي ابكوا الصديق الفقيدا

رب فارحمْ أخاً عزيزاً علينا
في دياجير القبر أمسى وحيدا

مناسبة القصيدة

وداعا صديقي محسن مأمون رسلان! (لقد فجعتُ قبل أيام بخبر موت أخ عزيز وصديق حبيب مُقرب إلى قلبي ، لم يكن يدور بمخيلتي لحظة أن يؤثر في فقده بهذه الصورة ، ولقد استغرقتُ وقتاً ليس بالقصير لأستوعب أنه قد سبقنا إلى الموت ، فداراه الحِمامُ عني إلى يوم يبعثون! ما تبعتُ جنازته ، ولا حضرت غسله ولا تكفينه ولا الصلاة عليه! وتعلقت عيني - كما استرجع قلبي - بذكرياته الجميلة ، وهو الحارث الهمام الذي كان يملأ الدنيا حركة ونشاطاً وحديثاً ونقاشاً وأثراً وبسمات وضحكات ومزاحات. إذا به يصمتُ إلى الأبد! إنه الصديق الغائب الشاهد محسن مأمون رسلان! كم تسامرنا! وكم تجاذبنا أطراف الحديث! وكم اتفقنا! وكم اختلفنا! وأذكر أن أول مُلتقانا في مجال الشعر والأدب ، كانت مناسبته قصيدة كتبها هو ، وكان عنوانها: (الشمعة الباكية) ، وكان قد كتبها بقلمه الرصاص ، على غلاف أحد دفاتر المدرسة ، وذلك في سبعينات القرن المنصرم! وكانت القصيدة تصف المعلم ، حيث إنه يشبه الشمعة التي تحرق نفسها من أجل أن تضيء الطريق للآخرين! ولكن أخي وصديقي محسن مأمون ترك هذه الفكرة ، وتجاوزها إلى سواها! وهي بكاء الشمعة ، حيث إن احتراقها لم يستفد به كثير من الطلاب ، فراحت الشمعة تبكي وتنتحب أن ذهب إحراقها لنفسها أدراج الرياح ، وضاعت جهودها سدى! وشاركني في الثناء على قصيدة الأخ محسن مأمون الأخ إبراهيم شاكر! وله حق أن يتناول مجهود صفوة من رجالات العلم والتعليم في مركز كفر سعد ، وتحديداً في مدرستيه الابتدائية والثانوية! وأذكر منهم إن لم يخني التقدير في المدرسة الابتدائية: (الأستاذ محمد أحمد إسماعيل ، والأستاذ إسماعيل خميس ، والأستاذة زينب الهوال ، والأستاذ محمد الصحفي) ، وفي المدرسة الثانوية: (الأستاذ الدكتور الشربيني أبو طالب ، والأستاذ أحمد إبراهيم سراج ، والأستاذ مهدي سعد زغلول ، والأستاذ عزمي فتحي عُليمي ، والأستاذ يوسف أحمد خليل ، والأستاذ إبراهيم خليل والأستاذ رمضان متولي الدنجاوي ، والأستاذ سامي السعيد والأستاذ محمد عمارة ، والأستاذ الشاعر الكبير محمد عبد الحافظ)! وعَودٌ إلى محسن مأمون رسلان الراحل عنا! لقد غبطتُه في رحيله الذي عَلته السكينة وخيّمت عليه الطمأنينة ، وملأه المحبون ، ورفعتْ فيه أكفُ الدعاء مخلصة مختلطة بالدمعات النقية المحبة له. ذكرت له الخير ، فقد كان قلباً نقياً ، وخلقاً يقتدى في الصفاء والنقاء والمسامحة ، وداعية خير ومعلم فضيلة ، فأحسبه والله حسيبه من أهل الصلاح والتقى.)
© 2024 - موقع الشعر