مع الله - معارضة للأميري - أحمد علي سليمان

مع الله ربِّ القوى والقُدَرْ
مع الله خالق كل البَشَرْ

مع الله إن جنّ ليلُ الدجى
مع الله إما نويتُ السهر

مع الله إما قصدتُ البقا
مع الله إما بدأتُ السفر

مع الله إما طواني الشقا
مع الله إما حَداني السَّمر

مع الله عند حُلول القَضا
مع الله عند نزول القَدر

مع الله إما قلاني الورى
مع الله إن كان عندي زُمر

مع الله إن زار قلبي الهنا
مع الله إمّا الفؤاد انكسر

مع الله إن كنتُ مستوحشاً
مع الله إن حطمتْنى الغِيَر

مع الله إن كنتُ مستبشراً
مع الله إما اعتراني الضرر

مع الله إنْ ظلمة خيَمتَّ
مع الله عند بزوغ القمر

مع الله إما استبد العِدا
مع الله عند مجيئ الظفر

مع الله إما درستُ الهُدى
مع الله إما تلوتُ السور

مع الله إنْ أشرقت نجمة
مع الله إما تهادى الشجر

مع الله إنْ حل فصلُ الشتا
مع الله عند انهمار المطر

مع الله إما خبتْ همتي
مع الله إن كان لي مُزدجَر

مع الله إن زار طيفُ الكرى
مع الله عند انبجاس السَّحر

مع الله إن هد عزمي الأسى
مع الله إن أطربتني البُشُر

مع الله إن أينعتْ وردة
مع الله عند ازدهاء الزَّهَر

مع الله إن كنتُ في نعمةٍ
مع الله إما المزاجُ اعتكر

مع الله إما بلغتُ الصبا
مع الله في أخريات العُمُر

مع الله إنْ نال مِنِّي الغُثا
مع الله عند تحدي الغَجر

مع الله إنْ كنتُ مستيقناً
مع الله إن حذرتْني النُّذر

مع الله إن كنتُ مستوثقاً
مع الله إما اصطحبتُ الحَذر

مع الله مهما أتاني الهوى
مع الله - بعد الخَطا - أعتذر

مع الله مهما ضميري قسا
مع الله لو كان قلبي الحجرْ

مع الله لو كنتُ في رحمةٍ
مع الله لو عاق خطوي الخطر

مع الله لو كنت في غُنْيةٍ
مع الله رغم النصيب العَسِر

مع الله إن مُتُّ من ليلتي
مع الله حتى وإنْ أحتضر

مع الله يغسلني غاسلي
مع الله في الكفن المُختمِر

مع الله صلى عليّ الورى
مع الله يحملني مَن حَضر

مع الله أُدفَن بعد الردى
مع الله يؤنس مَن في الحُفر

مع الله إن جاءني سائلي
مع الله إما ذكرتُ الخبر

مع الله يرحمُني خالقي
مع الله يُنقذ مَن قد قبر

مع الله يوم انفطار السما
مع الله يوم قيام البشر

مع الله يُنقذني من لظى
مع الله يَرحمني مِن سقر

مع الله يُدخلني جنة
مع الله رب القُوى والقُدر

مع الله أعبده وحده
تبارك ربي الأجلّ الأبر

وأعلنُ توحيده في الورى
ولستُ أبالي بمن قد كفر

ولستُ أطيع سوى أمره
ولستُ أخالفُ عمّا أمر

وألزمُ نفسي بما سَنه
من الشرع ، هذا السبيلُ الأغر

مع الله أختم تغريدتي
أسبّح في نصّها المقتدر

مناسبة القصيدة

(أعجبتني قصيدة (مع الله) للأستاذ عمر بهاء الدين الأميري في تصويرها للمعية الإلهية المقدسة. كما أعجبنى أسلوب الشاعر عبد المعطى الدالاتي في معارضته البديعة للأستاذ الأميري ، وإن لم يُشر هو إلى أنه عارض الأميري ، والحقيقة أنني لم أعلم ذلك عنه. ورحت أعارض الأميري معترفاً له بالفضل ومقدماً بين يديه شرف المحاولة. والحقيقة أنني تأثرت بالقصيدتين قصيدة الأميري وقصيدة الدالاتي . ولكن عندما وضعت قلمي لكي أستخرج من فؤادي هذه القصيدة العظيمة ، لم أقتبس من أيٍّ منهما ، على عادة الشعراء في المعارضات الشعرية. ولكنني وضعت يراعتي على وريقات كانت معي ، ولم أرفعه إلا بعد تمام هذه القصيدة ، والتى أبياتها ستة وثلاثون. ألا إن معية الله التي أعني هي التي أشارت إليه الآية: (وهو معكم أينما كنتم). معية الإحاطة والعلم والإدراك على عقيدة أهل السنة. وليست معية الذات أو تعدد الذات الإلهية حِسّياً وتجزئتها حكراً على عقيدة المتصوفة أو الاستشراقيين الغنوصيين. فهي من باب: اللهم آنس وحشتي في قبري ، واعصمني من المعصية.
© 2024 - موقع الشعر