أين الضجيج العذب؟ (معارضة للأميري) - أحمد علي سليمان

أين انسجامُ العيش والأربُ؟
أين انبساط الروح والطربُ؟

أين ابتسامُ القلب يُبهجني؟
أين التئامُ الشمل والرغب؟

أين اجتماعُ الأهل يُسعدني؟
أين القريضُ العذبُ والأدبُ؟

أين الرجالُ الصِيدُ يُطربني
منهم كلامٌ بعضُه الرطب؟

هم ساعدي في غربةٍ قطعتْ
مني العُروق ، فبتّ أحتسب

هم بسمتي ، إن كنتُ مبتئساً
هم فرحتي ، إن بتّ أنتحب

إني أراهم في دجى ألمي
نوراً يُضئُ ، كأنهم شُهُب

في كل ركن خلفوا طللاً
يبكي على تصويره العجب

فالدارُ من بعد الضياء دجىً
حتى يراعُ الشعر يكتئب

والنفسُ - من بعد الصفا - كدرٌ
والقلبُ - من فرط الجوى - لجب

والروح – مما نالها - تعبتْ
والحسّ أضنى شعرَه الخبب

إني افتقدتُ الزهر يُتحفني
عطراً وريحاناً له أرَب

هم - في حياتي - الأنسُ يُؤنسُني
هم - في حياتي – العِز والنسب

هم - في حياتي - النورُ مُؤتلقاً
هم - في حياتي – الصحبُ والحَسب

هم – في حياتي – الفرْحُ إن صمتوا
حتى وإنْ - في هجعتي - شغبوا

هم – في حياتي – الشوق يغمرني
حباً ، وإن جدّوا وإن لعبوا

هم باقة من ورد (عَزتنا)
منها الشذى الفوّاحُ يُجتلب

إني – من الأعماق - أكْبرهم
إذ إنهم فتيانناً النجُب

فيهم كتبتُ الشعر مرتجلاً
حتى حوتْ أشعارَهم كتب

أبني عليهم كل أمنيةٍ
أن يُصبحوا ذخراً له الغلب

أعددتُ للهيجا ثلاثتهم
والزادُ – في الهيجاء - يُطلب

ناشدتُ رب الناس يجعلهم
شُمّا إذا حلوا ، وإن ذهبوا

عَبدان للمولى ، وذا عُمرٌ
والأمّ - في عِز الإبا - سبب

والشهمُ (عبد الله) ممتحنٌ
لمّا يَشُقه اللهو واللعِب

لمّا رأى الإسلام مبتئساً
أفضى إليه الضيقُ والغضب

فاختار أن يحيا لنصرته
فالفذ – للإسلام - ينتسب

يا عابد الرحمن ، يا أملي
خلّ الدُمى ، فالسلمُ مُكتئب

قمْ عَطر الدنيا بشرعته
حتى يزول الحزنُ والرهَب

واستنصر القهار في لجأ
إذ نصرُه – للهَدي - يقترب

يا أيها الفاروق: أمتنا
أودتْ بها الشحناءُ والريَب

قم خلصِ الدارَ التي أسِرتْ
والطغمة العادون كم غصبوا

حرّرْ بسيف الحق مَقدسَها
فالمسجدُ الأقصى بها خرب

طهّرٍ بقاع السلم يا عمرٌ
فالسِلْم فيها بات يغترب

واقمع دهاقينَ الفجور بها
لا يَصرفنْك الخوفُ والنوب

وحّدْ (أبا حفص) كتائبنا
غال علينا الجمعُ واللقب

واهزمْ طواغيت الضلال ، كفى
ما أفسدوا ، فالدارُ تضطرب

تفديك نفسي لا أضنّ بها
يُهديكها – عند النزال - أب

(عُمَرَ الهُدى) أرجعْ خلافتنا
من بعد أن أدمى العُرى اللهب

أسميتك (الفاروق) ، أقصدها
يرضاك أهل الحق والعَرَب

يا من كتبتُ الشعر فيه صدىً
غنتْ به الآكامُ والخشُب

لم يَرْعه الأهلون أجمعهم
فاستسخروا حتى بدا الكذب

إذ إنهم - في المال - قد غرقوا
وزخارفَ الدنيا لقد طلبوا

إني لفظتُ الأمس زخرفها
واليوم طمّت بيننا الحُجُب

مَرضاة بارينا إذن أملي
والجنة الفيحاء والعُرُب

إني لأدعو أن يُجنبكم
ربي هوى الدنيا ، فذا النصب

إني أرى – في حبكم - هدفي
يا من على آدابكم نثِب

كونوا – لهذا الدين – مَأسدة
ما خاب مَن في الله يحتسب

© 2024 - موقع الشعر